: آخر تحديث

على هامش معركة فقد «أم»!

1
1
1

صيغة الشمري

‏هناك أناس يعشقون البكاء على اللبن المسكوب، وكأنهم هم الذين قاموا بسكبه عمدا لإلحاق الضرر بأنفسهم وبصحتهم النفسية، يحزنني كلما وجدت مؤمنا بقضاء الله لم يستفد من ايمانه في مواجهة صعوبات الحياة وتنمية قوته الداخلية لمواجهة الأزمات، يحزنني أن الكثير منا يحمل كل الحلول تجاه أن يحصل على حياة مليئة بالشغف والحيوية حتى في عز سوء ظروفه وضعف امكانياته، الكثير منا يفشل في تجاوز أحزانه والتغلب على ظروفه، يشبه ذاك الطالب الذي يريد النجاح لكنه لا يقدم من أجل ذلك أي مجهود يؤهله للحصول على هذا النجاح، والأكثر غرابة أنه يحزن ويتألم عندما لاينجح متجاهلا أنه هو السبب في عدم نجاحه، مررت بتجربة فقد «أمي» رحمها الله، ووجدت نفسي في مواجهة مباشرة مع كل دروس الحياة التي تعلمتها، نزال قاسي جدا مع خصم يتفوق على كل ما أملك من أدوات قتال وحبال صبر، أمي التي كنت لا أتخيل أن أحيا بدونها، لذلك كانت الحرب ضروسا مع الصبر ومما زادها شراسة كون وفاتها رحمها الله مفاجأة ودون سابق انذار، حيث كانت صحتها جيدة طوال حياتها ولم تكن تشتكي من أي عارض صحي وقليلة الذهاب للمستشفيات وكأنها تملك سرا خفيا للتعافي البدني والنفسي، كان مجرد الجلوس معها وقربها نوع من التعافي، على -الأقل بالنسبة لي-، مع يقيني بأنها نوع معين من البشر يملك قوة ايمان داخلية تدعم حتى صحة البدن، لذلك كان مرضها الأول اللعين هو الأخير، ويبدو أن هذا النوع الروحاني من البشر لا يعمرون كثيرا في الدنيا مما يزيد من وجع فقدهم على المقربين منهم، هذا النوع من الفقد هو أشد معارك الحياة ضراوة وقد تنهار قواك وتهزم هزيمة كارثية لانصر معها ولاحياة، عندما تستطع الخروج منتصرا في معركة فقد أم، التي توازي معركة فقد أمه وكأنك ستحيا ماتبقى من عمرك وحيدا على ظهر هذا الكوكب، كأن البشر غابت مع غياب أمك، عندما تموت الأم فجأة، ستكون مواجهة فقدها من أصعب وأشرس مواجهات الحياة، وقلما ينجو بشر من خدوش هذا الفقد الكارثي، لكن الذي يعرف السر الخفي لمعنى الصبر سيخرج منتصرا دون أي خسائر، الذي يعرف بأن الصبر هو خطة متكاملة لتحقيق النصر على الحياة بأكملها سينتصر في معركة فقد الأم، عندما تتيقن بأن الصبر هو عدة أنواع،أقساها السخط واجملها السلوان، سيتعين عليك لزاما اختيار الصبر الذي يليق بفكرك وايمانك، نوع الصبر الأجمل هو العمل الجاد لتجاوز أي خسارة في معركة الحياة، ليس الصبر أن تع يدا على خدا وتترك الأيام تمضي لتأخذك نحو تجاوز حزنك، رحمك الله أمي، لقد منحني فقدك دروس الحياة التي لا يمكن تعلمها قبل فجيعة رحيلك.


عدد التعليقات 0
جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
لم يتم العثور على نتائج


شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

في جريدة الجرائد