من قلب العاصمة الرياض، المدينة التي باتت تُجسّد روح التحول السعودي، يعود ملتقى بيبان 2025 تحت شعار «وجهة عالمية للفرص» ليؤكد أن المملكة لم تعد فقط مركزًا إقليميًا للأعمال، بل منصة عالمية للابتكار وريادة المشاريع.
منذ إطلاقه قبل أعوام قليلة، تحوّل الملتقى من فعالية وطنية إلى حدثٍ اقتصاديٍ عالميٍ يستقطب المستثمرين وصُنّاع القرار ورواد الأعمال من أكثر من 150 دولة، ليصبح اليوم أحد أبرز مظاهر التحول الاقتصادي ضمن مستهدفات رؤية المملكة 2030.
في نسخته السابقة، بيبان 2024، سجّل الحدث حضورًا غير مسبوق تجاوز 182 ألف زائر، وشهد توقيع صفقاتٍ واتفاقياتٍ تجاوزت قيمتها 35 مليار ريال سعودي. هذه الأرقام لم تكن مجرد مؤشرات نجاحٍ تنظيمي، بل شهادة على نضوج بيئة الأعمال في المملكة، وعلى ثقة المستثمرين العالميين في مستقبل الاقتصاد السعودي. أما النسخة المقبلة لعام 2025، فتُعدّ الأكثر طموحًا في تاريخ الملتقى، إذ يُتوقع أن تستقطب أكثر من 140 ألف زائر من مختلف دول العالم، وتحتضن 900 شركة ناشئة من 70 دولة، في فعالية تمتد من 5 إلى 8 نوفمبر 2025 بمركز واجهة الرياض للمعارض والمؤتمرات، لتجمع تحت سقفٍ واحدٍ المستثمرين، والرواد، وصناع القرار، ومؤسسات التمويل والابتكار.
ويضم الملتقى هذا العام سبعة أبواب رئيسة تغطي مجالات ريادة الأعمال، الشركات الناشئة، التمويل والاستثمار، التجارة الإلكترونية، الامتياز التجاري، المنشآت متسارعة النمو، والسوق، مما يجعله مساحة تفاعلية متكاملة لولادة الأفكار وتحوّلها إلى نماذج أعمال قابلة للنمو العالمي. وفي بوابة الشركات الناشئة، تُتاح للمشاركين فرص التواصل المباشر مع صناديق الاستثمار الجريء، وحاضنات الابتكار، والمسرّعات التقنية، ليصبح بيبان 2025 الجسر الذي يصل الفكرة بالتمويل، والطموح بالتمكين.
وفي كلمته التي ألقاها خلال النسخة السابقة من الملتقى، قال معالي الدكتور ماجد بن عبدالله القصبي وزير التجارة ورئيس مجلس إدارة الهيئة العامة للمنشآت الصغيرة والمتوسطة (منشآت):
«بيبان ليس مجرد حدث سنوي؛ إنه منصة لتسريع التحول في منظومة ريادة الأعمال، وفتح فرص جديدة لشباب وشابات الوطن».
كلمات تلخّص فلسفة بيبان الذي لا يكتفي بعرض المشاريع والأفكار، بل يُعيد بناء البيئة الريادية برؤية تمكينية شاملة، تُترجم مبادئ الرؤية الوطنية إلى ممارسة عملية يومية.
كما أوضح معالي المهندس بندر بن إبراهيم الخريف وزير الصناعة والثروة المعدنية أن:
«ريادة الأعمال ليست فكرة عابرة، بل ثقافة تُبنى على تمكين الإنسان، وتشجيع الاستثمار، وصناعة المستقبل»، وهي الثقافة التي يواصل بيبان ترسيخها عامًا بعد عام، إذ يهدف إلى تحويل الشغف إلى إنتاج، والإبداع إلى قيمة اقتصادية مستدامة، تنعكس على رفاه الفرد ونمو المجتمع.
ولم يغب البعد الاستثماري الدولي عن مشهد بيبان، إذ أكد معالي المهندس خالد بن عبدالعزيز الفالح وزير الاستثمار في إحدى جلساته السابقة أن:
«السعودية اليوم ليست فقط سوقًا كبيرة، بل بيئةٌ متكاملة للابتكار والنمو وريادة الأعمال، قادرة على استقطاب العقول والمشاريع من كل أنحاء العالم» تعبيرٌ يُلخّص جوهر التحوّل السعودي من اقتصادٍ يعتمد على الموارد إلى اقتصادٍ يقوده الإنسان والإبداع والابتكار.
وفي ذات السياق، لخّص معالي الأستاذ سامي الحسيني محافظ منشآت روح الملتقى بقوله:
«بيبان جسرٌ يربط الفكرة بالتمويل، والطموح بالتمكين، ليصنع بيئة حقيقية لريادة الأعمال في المملكة».
ومن هنا تبرز أهمية بيبان 2025 كإحدى أذرع التمكين الوطني، الذي يسهم في بناء اقتصادٍ متنوعٍ يقوده رواد الأعمال السعوديون بثقةٍ وشغف.
إنّ الحضور في بيبان 2025 لا يعني المشاركة في فعاليةٍ عابرة؛ بل هو انخراط في مشهد وطنيٍّ حيٍّ يصنع الغد بعيون شبابه. فالمملكة اليوم لا تحتفي بالفرص فحسب، بل تُعيد تعريفها، لتصبح الفرصة فكرة تُزرع، وتُموَّل، وتُحتضن حتى تثمر مشروعًا عالميًا.
وفي كل زاوية من زوايا الملتقى، من قاعات النقاش إلى أجنحة الابتكار، يتردد صدى الرؤية السعودية التي آمنت بالإنسان قبل كل شيء، ومنحته الأدوات ليقود التغيير.
وفي ختام هذا المشهد الوطني الملهم، نتوجّه بأسمى عبارات الشكر والعرفان إلى خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز -حفظه الله- وإلى عرّاب الرؤية، صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز، ولي العهد، رئيس مجلس الوزراء، الذي جعل من المملكة وجهة عالمية للفرص، وملتقىً للمستقبل، ومنصةً تنبض بالحلم والعمل معًا.
ففي بيبان 2025 لا تُفتَح الأبواب فحسب.. بل تُفتح معها آفاقٌ جديدةٌ لوطنٍ يزرع الطموح، ويحصد الريادة، ويكتب فصلًا جديدًا من قصة نجاحه المتواصلة.

