: آخر تحديث

لماذا.. ولأين هاجروا؟

1
2
2

بدأت أول موجة هجرة كبيرة للعرب والمسلمين إلى الولايات المتحدة في أواخر القرن التاسع عشر، تحديداً بين عامي 1870 و1924، حيث هاجروا لها من لبنان، ونسبة اقل من سوريا، اللذين كانا تحت الحكم العثماني. كان المهاجرون في غالبيتهم من المسيحيين الموارنة والروم الأرثوذكس والكاثوليك، ولم تتجاوز نسبة المسلمين بينهم الـ 10%. وكان دافعهم الأساسي للهجرة البحث عن فرص عمل، أو هربا من التجنيد في الجيش العثماني، خاصة المسيحيين والشيعة، الذين كانوا يهربون للمهجر فرادى، لتصبح جماعية، مع تصاعد أعدادهم مع بداية القرن العشرين، وتتوقف عام 1924 عقب صدور قوانين تحد من تدفقهم، وغيرهم.

استقر من نجح من اللبنانيين في الهجرة في نيويورك وبوسطن وديترويت، وولايات الغرب الأوسط. وكان الغالبية شباباً غير متزوجين ضعيفي التعليم، عملوا في مختلف المهن، وفي الزراعة.

رغم وجود مسلمين في أمريكا منذ القرن الـ 17، إلا أن أعدادهم كانت قليلة، فقد هاجر غالبية العرب منهم، من غير اللبنانيين والسوريين، لأمريكا من اليمن والعراق، تحديدًا في الفترة بين عامي 1900 و1930، واتجهوا للعمل في المصانع والسكك الحديدية في ولايات مثل ميشيغان وكاليفورنيا، وكذلك استقروا في مناطق زراعية في الغرب الأوسط. وفوجئت بكثافة وجودهم في مدينة «فرزنو»، في ولاية كاليفورنيا، عندما زرتها في سبعينيات القرن الماضي. أما الجالية العراقية، فقد بدأت موجات هجرتها بشكل أوضح بعد الحرب العالمية الثانية، خصوصًا في الخمسينيات والستينيات، نتيجة للأحداث السياسية والتحولات الاقتصادية في العراق.

بني أول مسجد في الولايات المتحدة عام 1934، في «سيدار رابيدز» بولاية «أيوا»، على يد مهاجرين سوريين ولبنانيين. وكان هناك قبلها عام 1915 وجود لمسلمين من «ألبانيا»، وكان لهم مسجد في ولاية مين، وكان أساسا منزلا خاصا.

اختار غالبية مهاجري الشيعة، من الجنوب اللبناني، الذين كانوا ضحايا كل القوى والحكومات التي حكمت لبنان منذ العثمانيين والفرنسيين، والإنكليز واقطاعي مناطقهم، الهجرة المكثفة لأفريقيا، وبدرجة اقل لأمريكا الجنوبية، وبالتحديد البرازيل والارجنتين، وفنزويلا. وأسباب هجرتهم كانت اقتصادية وسياسية واجتماعية، ودينية. واختيارهم الهجرة المكثفة لأفريقيا جاء خلال فترة الحكم الفرنسي، وبتشجيع منهم، للعمل في مستعمراتهم الواسعة هناك. كما ساعدت جمعياتهم الأهلية في تسهيل أمور الهجرة للكثير منهم.

* * *

بسبب أجواء الحرية التي كانت سائدة في الغرب، فقد أبدع الكثير ممن هاجر لها، ومن أشهر هؤلاء اللبنانيون، الذين يُعدّون من روّاد النهضة الأدبية العربية الحديثة، حيث جمعوا بين الشعر والرواية والفكر والفن، وتركوا أثراً عميقاً في الأدب العربي الحديث، ومن أبرزهم جبران خليل جبران (1883–1931) الشاعر والأديب والرسام، وصاحب كتاب «النبي» الأكثرة شهرة في الشرق والغرب. وهناك أمين الريحاني (1876–1940)، الرحالة والمفكر والأديب، و«فيلسوف الفريكة»، ومن أوائل الداعين للتقريب بين الشرق والغرب، وألّف بالعربية والإنكليزية، واشتهر بكتاباته عن الحرية والإصلاح، ورحلاته في الجزيرة العربية. والشاعر ميخائيل نعيمة (1889–1988)، الناقد والأديب والفيلسوف، وشريك الشاعر الكبير «إيليا أبو ماضي» (1889–1957) الذي يعتبر من أهم شعراء المهجر. والزحلاوي «فوزي المعلوف» (1899–1930) الذي هاجر للبرازيل، وشقيقه شفيق المعلوف (1905–1976) الشاعر والصحافي. وإلياس فرحات (1893–1976) الشاعر العصامي الذي هاجر إلى البرازيل، وغيرهم الكثير.

كان غالبية هؤلاء المبدعين من الموارنة، والسبب يعود لأسبقية كنيستهم في فرض التعليم الإلزامي في قراهم منذ عدة قرون.


أحمد الصراف


عدد التعليقات 0
جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
لم يتم العثور على نتائج


شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

في جريدة الجرائد