: آخر تحديث

«الفهم الصحيح قبل الحكم الخطأ»

5
4
5

عماد الدين أديب

قال لي أستاذي الدكتور زكي نجيب محمود – رحمه الله – وهو أحد أهم أساتذة علم المنطق: «إن أزمة العقل العربي الكبرى هي أنه يصدر أحكاماً فورية قاطعة على أمور مصيرية وشخصيات مؤثرة في حياته من دون أن تتوفر له:

١ ـــ المعلومة الصحيحة.

٢ ــــ المعارف اللازمة.

٣ ـــ القدرة على التحليل السليم».

وعاد ولخّص لي ذلك كله بأنها قضية «فهم الشيء بشكل صحيح قبل الحكم عليه بشكل خطأ».

في عصرنا هذا قمنا بتعظيم أمور لا تستحق، وشيطنّا شخصيات ظلمناها، ورفضنا قرارات كانت في صالحنا، وأيدنا قرارات دمرتنا.

ظلمنا أنفسنا، وظلمنا التاريخ، وحينما أدركنا خطأنا التاريخي كانت الآثار المدمرة قد حدثت، وأصبح إصلاح ما أفسده الدهر شبه مستحيل.

مثلاً، أخطأت اليابان وإيطاليا في الأربعينيات حينما راهنت على محور التحالف مع ألمانيا النازية.

مثلاً، أخطأ الرأي العام النمساوي حينما طالب بالانضمام إلى حكم هتلر.

مثلاً، أخطأت الولايات المتحدة الأمريكية حينما اتخذت سياسة الانعزال وعدم الانحياز ضد الفاشية والنازية حتى تم ضرب بيرل هاربر.

مثلاً، أخطأ كثير من الشباب حينما فرحوا – في بدء الأمر – بجريمة 11 من سبتمبر 2001 ضد الولايات المتحدة، وأدركوا بعد ذلك مساوئ ما يمثله تنظيم القاعدة من تطرف وإرهاب.

حتى الشعب البريطاني يعاني الآن من الآثار السلبية لاختياره في استفتاء حر الخروج من عضوية الاتحاد الأوروبي.

وصدر تقرير مهم في لندن الأسبوع الماضي أهم ما فيه أنه قد تم تضليل الشعب البريطاني بحقائق ملفقة حول مضار الانضمام للاتحاد الأوروبي، ومكاسب التخارج منه.

من هنا يصبح الفهم الصحيح للأمور والأحداث والقرارات والصراعات هو خطوة أساسية ومقدمة واجبة ولازمة وجوهرية لا بديل عنها في تقرير مصائر الأمم والشعوب.


عدد التعليقات 0
جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
لم يتم العثور على نتائج


شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

في جريدة الجرائد