: آخر تحديث

صدور "الأعمال الشعرية الكاملة" للشاعر خلف علي الخلف

2
1
3

إيلاف من القاهرة: صدر عن دار جدار للثقافة والنشر بالإسكندرية – مالمو كتاب "الأعمال الشعرية الكاملة" للشاعر خلف علي الخلف، ضمن سلسلة الأعمال الكاملة لقصيدة النثر التي أطلقتها جدار، وهو إضافة جديدة ضمن مشروع جدار لنشر الأدب العربي والعالمي المعاصر بصيغتيه الورقية والرقمية.

يضم هذا الكتاب تسعة دواوين شعرية؛ نون الرعاة، التنزيل، كحل الرغبة، نواح الغريب: حكاية لم ينقرها الطير، قصائد بفردة حذاء واحدة، يوميات الحرب القائمة، العبرة في الحواس، يُقال أعمى: الديوان الأندلسي وقصائد إيلينا، لنكتب عن السويد. 

في هذا العمل، تتقاطع البنية الشعرية اللغوية التجريبية مع تجربة الحياة، حيث تتخذ القصيدة شكلًا عضويًا متحررًا من القوالب، ينهل من نبرات السرد، وتقطيع السيناريو، وغنائية الندبة، مستثمرًا مزيجًا من الحواس والتمثيلات النفسية الحياتية والرمزية والسياسية، لتتحول القصيدة إلى وثيقة شعورية توثّق ما لا يُوثّق.

من الرقة إلى حلب، ومن حلب إلى الرياض، ثم الإسكندرية والسويد وإسبانيا وأخيرًا مسقط، يمضي النص في رحلته الثقيلة، متكئًا على لسان شاعر يعرف كيف يلتقط ما هو جوهري في التفاصيل، وما هو إنساني في أكثر اللحظات قسوة. يمزج الخلف بين الفصحى والتوريات الشعبية، ويستدعي التاريخ والأسطورة والدين بوصفها مواد قابلة لإعادة التشكيل، لا للامتثال.

هذا الديوان ليس أرشيفًا شعريًا فقط، بل هو جسدٌ متكامل من تجربة الحياة، ومرآة لمرحلة تغلي بالحرب والمنفى والخيبة. قصائد تراوح بين الحنين والانكسار، بين فداحة فقد المتن وخفة الهامش، مكتوبة بروح شاعرٍ يمشي على حد السكين، ويكتب بمداد الروح.


خلف علي الخلف
شاعر وكاتب وباحث من الجزيرة «الفراتية»، مواليد الرقة قرية «خنيز محمد الخلف» 1969 يحمل الجنسية السويدية. 

حاصل على ماجستير في فلسفة الصحافة من جامعة سودرتورن في ستوكهولم [السويد]. كذلك يحمل شهادة في العلاقات الدولية من جامعة مالمو [السويد). شهادة في العلوم الإنسانية الرقمية من جامعة كالمر (السويد). إجازة في إعداد المحتوى من كلية مالمو للمھن التطبيقية (السويد). إجازة في الاقتصاد من جامعة حلب.

عمل في جريدة إيلاف الإلكترونية في الفترة من 2006 إلى 2013 كباحث ومحلل بيانات ومطور، ويكتب فيها مقالات رأي منذ العام 2003 حتى الآن. أسس في عام 2005 موقع جدار الثقافي الذي تحول لجريدة إلكترونية لاحقاً، وتوقفت عام 2013.كتب العديد من الأبحاث باللغة العربية والإنكليزية، ونشر منذ تسعينات القرن الفائت في الصحافة والدوريات العربية. فاز بجائزة الفجيرة الدولية لنصوص المونودراما في دورتها الأولى عن عمله «گلگامش بحذاء رياضي». 

أصدر تسع أعمال شعرية وثلاثة نصوص مونودراما ترجمت بعض أعماله ومقالاته إلى عديد من اللغات؛ الإنكليزية والألمانية والسويدية والإسبانية والفرنسية ولغات اخرى

من نصوص الديوان:
بطاقةٌ شخصية عابرة للحدود

إيلينا
أنا لستُ كتاباً ولستُ فكرة
أفكاري مجرد قطيع أغنام ترعى في البرية
ربما تأكلها الذئاب
ربما يسرقها أحد ما
ربما تمرض ويصعب علاجها
ربما تموت لأسباب مجهولة
ربما تصاب بوباء عام كالطاعون مثلاً
ربما تتوالد وتتكاثر
يربيها أحد ما ويبيعها في الأسواق
كل هذا لا يعنيني
فأنا لا أملك أفكاري
أخلقها وأتركها تسرح في أرض الرب الرحبة
كأغنام غير مدجّنة
كما أنك لستِ رقصتك ولا تمتلكينها
إنّها شيء آخر غيرك أنت
كذلك كتبي وأفكاري أنفصل عنها ما أن تخرج للحياة
أراقبها بحياد
وهي تدبّر شؤونها بنفسها

هناك من يعتقد إن قتل هذه الأفكار
يعني قتلي!
هذا وهم، إيلينا
أنا لستُ فكرة ولستُ كتاباً. أنا شيء آخر يصعب شرحه لك وأنت مشغولة بالرقص.

شمعة تنظر إلى الحياة بعين واحدة
إلى رين

فكر وأنت تنظر إلى المرآة. سترى انعكاس تلك الأفكار على ملامحك؛ عينيك أيضاً.
فكر ببطءٍ؛ الأفكار السريعة تنمو سريعاً وتموتُ سريعاً.
فكر كأنك الشخص الذي داخل المرآة وينظر إلى لحياة من خارجها.
تأمل هذا الشخص الذي ينظر إليك من داخل الحياة.
لا تحاول أن تقلده، أو تعبس في وجهه.
تصرف بشكلٍ طبيعي، كشخصٍ ينظر إلى الحياة من خارجها، واعط هذا المتسول الذي ينظر إليك بعض الرأفة وقليلاً من التفهم..
الأشخاص الذين داخل الحياة يستحقون العطف.

الرقصة الأخيرة

كما تعلمين مرّ الزمن سريعاً، كأغنية نسمعها في الراديو ولا نستطيع استعادتها.
في وداعك، ها هو الزمن يطلق إحدى وعشرين أغنية لترقصي عليها، إيلينا.
من هنا؛ في قلعة مطرح على خليج عُمان، وأحب أن أسميه بحر العرب؛ حيث تتوزع مدافع كثيرة لمقاومة الغزاة الذين يأتون من البحر؛
أنظر إلى البحر، وأرى الزمن الذي مرّ سريعاً بين البرتغاليين، الذين تركوا رقصاتهم على الساحل حينما غابت شمسهم، وبين رقصتك التي تشرق في المخيلة كأنها شمس ولدت من العدم لتعطي ظلالاً لمن فقدوا رشدهم أو بلادهم.
أنظر إلى البحر الذي يبدو طفلاً يقلد أمه وهي ترقص؛ البحر الذي نسيتُ لغته ولم تتقن يديّ تلويحة الوداع للبحارة المغادرين.
أنظر إلى البحر، بينما ترقصين الباتشاتا فوق الماء وحيدة وأتشاغل عنك بتقليب معنى الخطيئة أو العمر.
أفتح دفترك [مجازاً] الذي تركتِه لي قبل أن ترفعي الأشرعة على سفينة الرحيل وأتعلم كيف أُشعل الفوانيسَ قبل أن تحل العتمة.
كان الشجر ينام قبل أن يتعلق برقصتك.
كان الهواء يمر في الأماكن الخالية، قبل أن تصبحي رقصة بين السماء الدُنيا وخُطى الناس.
كان الزمن يركض قبل أن يتوقف مشدوهاً من مصير الروح وهي تلبس جسدَكِ وترقص في بحار غريبة.
كانت الأعوام أرقاماً قبل أن تفقد تواليها وأرقامها وتتحول إلى لحظة ذاهلة.
كانت المدافع تطلق نيرانها باتجاه الغزاة قبل أن تراك ترقصين وتصبح آلة موسيقية.
كان الزمن نهراً جارياً قبل أن يبصر رقصتك ويفقد أنفاسه من الدهشة.
ها قد مر الزمن سريعا كفاصلة بين جملتين اسميتين؛ حضورك في المكان، وغيابك الأبدي.
سامحيني إيلينا، أريد أن استرسل.
لا أريد خاتمة لوداعك بجملة شعرية تجلب الشهقات وأصوات الإعجاب من السامعين،
أريد أن أبقى كي أودعك لزمن طويل؛
زمن يكفي ليجعل الطفولة تركض حافية في الشوارع وهي تستقبل عيد القيامة.
زمن يكفي لأشرب الماء من بحر العرب وأشعر أني ارتويتُ.
زمن يكفي لأجمع أغاني الحرّانيين في بيت شعري أترجمه للإسبانية ويصبح لحنا ترقصين عليه.
زمن يكفي لأسرد رحلتي بين نهر البليخ وبحر العرب بينما ترقصين الباتشاتا.
يا إيلينا لو أستطيع إعادة الزمن لبنيتُ لك تمثالاً في معبد الإله سين الذي مات في حرّان بينما كانت النساء تغني له على ساحل بحر العرب.
لو أستطيع إعادة الزمن لرسمتُك في قلب الشمس ترقصين الباتشاتا ليشهق المؤمنون: الله.. الله.
لو أستطيع لوضعتك بدلاً عن نجمة الصبح آلهة للرقص.
لكنه الزمن الذي يجري إلى حيث يدري ولا ندري.
لو كنتُ ملكاً لأمرتُ هذه المدافع المعروضة للسياح كأثر من زمن قديم أن تطلق في وداعك إحدى وعشرين أغنية ترقصين عليها الباتشاتا بينما أنظر إليك تصيرين نقطة في بحر العرب وأنت تغادرين.

 

* "الأعمال الشعرية الكاملة" متاحة بنسختها الرقمية لقراء إيلاف من هنا

 


عدد التعليقات 0
جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
لم يتم العثور على نتائج


شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

في ثقافات