الحديث عن السير الذاتية للرواد من أبناء الوطن هو حديث عن مسيرة وطن وجه قادته خططه التنموية نحو الاستثمار في الإنسان، فكان التعليم أولوية ثابتة يحظى بمركز متقدم في ميزانية الدولة مما وفر فرص التعليم بكافة مستوياته ومجالاته داخل وخارج المملكة. يحفل تاريخ الوطن بقصص نجاح فريدة ينتقل فيها الإنسان من منطقة الحلم إلى واقع يصل إليه بالجد والمثابرة والثقة بالنفس. قصص تهزم الفجوة بين الحلم والحقيقة. وقد تعودنا التعريف بهذه النماذج كون السير الذاتية لهم حافلة بما يستحق أن يروى للأجيال الجديدة وللمكتبات والباحثين، ولأن ما يقدمونه لا يقتصر على النجاح العلمي والعملي بل يواصلون خدمة المجتمع بمبادرات إنسانية يستحق أصحابها الوفاء والتقدير والتكريم.
من النماذج التي استثمرت إمكانات الوطن وطموحات الوطن وفرص التعليم والعمل في المملكة مع بداية اكتشاف النفط يبرز اسم المهندس عثمان الخويطر.. هذا المهندس الذي حقق حلمه من خلال شركة أرامكو؛ لم يحقق ذلك إلا بالعلم والعمل ولهذا نجده في سيرته الذاتية يؤكد للأجيال الشابة على أهمية العلم والعمل في تقدم الدول.
المسيرة المهنية للمهندس عثمان كانت مسيرة شاقة مرت بمراحل وتجارب وتنوع في العمل بوظائف بسيطة وأعمال تجارية لم تحقق النجاح وكان مضطرا لها بسبب ظروف حياتية صعبة في مرحلة طفولته وشبابه. الطريق المهني للمهندس عثمان مر بمحطات كثيرة واجه فيها صعوبات ليست سهلة ومارس أعمالا متعددة في مجالات مختلفة، عمل فلاحا وبائعا وعاملا لكن لم يكن يستسلم لليأس، تشجع بسلاح الطموح والصبر والتفاؤل، كان يسكنه شغف وطموح يدفعه دائما للبحث عن الأفضل فأكمل دراسته وابتعث إلى أميركا وتخصص في موضوع هندسة البترول ومنها تحقق حلمه بالعمل في أرامكو. كانت مسيرة قدمت مثالا عمليا ترجم قناعة المهندس بأهمية الاستثمار في الإنسان، جمع بين معرفة اكتسبها من تجارب الحياة ومعرفة علمية اكتسبها في المدارس والجامعات ولم يتراجع عن تحقيق أهدافه. ويستمر المواطن الإنسان في مسيرة أخرى متميزة، المواطن الوفي لوطنه يشارك في المسؤولية الاجتماعية من خلال الأعمال والمشاريع الخيرية حيث شارك في بناء عدد من المراكز الخيرية في مسقط رأسه عنيزة، منها مركزان للتأهيل المهني للشباب وآخر للفتيات، ومركز لمتلازمة داون، ومركز لأبحاث الإعاقة.
أكتب هذا المقال تزامنا مع حفل تكريم وتقدير ووفاء لسعادة الأستاذ المهندس المواطن الإنسان عثمان بن حمد الخويطر ينظمه المجلس الحيوي (مجلس أهالي عنيزة) برعاية سعادة محافظ عنيزة الأستاذ سعد بن عبدالله السليم. يأتي هذا التكريم تقديرا لدوره الإنساني ودعم برامج ومشاريع المسؤولية الاجتماعية بعنيزة. تكريم ينطلق من تقدير دور الرواد وإبراز تجاربهم الفريدة كنماذج جديرة أن تكون مدرسة يستفيد منها جيل المستقبل.. مدرسة لا تقدم النصائح النظرية حول الجدية وتطوير الذات والانتماء والعطاء وإنما تقدم دروسا عملية أقوى تأثيرا من التنظير.

