من المفروغ منه أن وجود هذه الحاشية في وداع الوزير لا معنى له، بخلاف تعطيل مصالح المراجعين، وإعطاء أي مراقب الدليل على أن الوقت، الذي هو أثمن ما يمتلك أي إنسان، لا قيمة له لدينا، وخيراً فعلت الحكومة بوقف مثل هذه المظاهر التي لا معنى لها ولا فائدة منها، لأية جهة كانت، فهي خسارة لكل الأطراف.
كما أن من مظاهر التخلف الأخرى، والتي أيضاً لا معنى لها، قيام الوزير بتفقد أعمال الوزارة أو الجهات الأخرى التي يشرف عليها، ترافقه «الكوكبة نفسها» من الوكلاء والمديرين، وجمع من المراقبين والصحافيين، وغالباً ما تصل أخبار جولة الوزير للجهة المستهدفة قبل وصول الوزير بفترة كافية لتنظيف وتلميع المكان ورفع الأنقاض، ورصف الطريق، ووضع بوكيهات الزهور، والطلب من الجميع التزام مكاتبهم، والاستعداد لأخذ الصور التذكارية مع الزائر الكبير. وهذا أيضاً يمثل خسارة في خسارة، حيث يفترض، إن كانت الدولة متقدمة، أن الأجهزة الرقابية تقوم بعملها، وزيارة الوزير، لا يمكن أن ينتج عنها شيء غير كلمات المجاملة، الأقرب للنفاق. فما سيراه سيكون حتماً «على ذوقه» وطلبه. ولو قال متنطع إننا لسنا دولة غربية، وأجهزة الرقابة الذاتية لا تعمل بشكل سليم، في هذه الحالة من الأنسب، لمثل دولنا، قيام الوزير، أو حتى الوكيل، بالزيارات التفقدية بطريقة أكثر سرية، فالطريقة الحالية عقيمة وتتسم بقدر كبير من تضييع الوقت. فمظاهر التقصير والخراب عادة ما تتم التغطية عليها في الزيارات التفقدية، شبه العلنية، التي لا تتسم لا بالمراقبة ولا بالمحاسبة، وعلى الجهات الحكومية الاقتداء بما أصبح يجري في وزارة الداخلية، التي كان التسيب طبعاً فيها، فما إن وطأت أقدام الوزير الحالي عتبتها حتى تغيرت الحال، وأصبحنا نرى انضباطاً ونشاطاً، وإنجازاً، فقلّت، بالتبعية، مخالفات المواطنين والمقيمين، وقبلها رجال الأمن.
* * *
هناك قاعدة، يعتمد نجاح أي صفقة أو اتفاقية تجارية على إحساس طرفيها بالقبول والرضا لشروطها ونتائجها، وتمثل ربحاً أو فائدة أو ميزة لكل طرف، وهذا ما يسمى بربح ربح، أي Win Win
فلو كانت هناك أسرة، وجدت، بعد طول انتظار، السكن الذي كانت تبحث عنه، وكان الثمن مناسباً لها، ووجد البائع من يقبل بالسعر الذي عرض فيه البيت للبيع، والذي كان ينتظره منذ سنوات، وكان جيران البيت سعداء بجار المستقبل، وكان السمسار سعيداً بالصفقة، والبنك الذي يتعامل معه البائع سعيداً بها أيضاً، لأنه سيتمكن من سداد ما عليه من ديون متراكمة، هنا تصبح العملية ربح ربح أوWIN WIN. لكن إن لم تتم الصفقة، فهذا يعني أن هناك جهات عرقلتها أو أخّرت إنجازها، لكن ماذا لو لم يكن هناك أي طرف مستفيد من تأخير إتمام الصفقة؟
هذا موضوع مقال الغد.
أحمد الصراف