لاحظت مع اقتراب انتهاء الصيف حضورًا لافتًا للمجتمع في شوارع الرياض رغم الحرارة، وهو أمر جديد يثير تساؤلات حول جودة الحياة ودور رؤية 2030 في تعزيزها.
تشهد المملكة تحولات اجتماعية، ثقافية، واقتصادية شاملة، مدعومة برؤية 2030 وبرنامج جودة الحياة، مما يعكس رؤية وطنية لبناء مستقبل مزدهر.
جودة الحياة ليست مجرد خدمات أو مؤشرات اقتصادية، بل إطار شامل يعكس الرفاهية الاجتماعية، الثقافية، والنفسية. من خلال مشاريع رائدة مثل نيوم، القدية، مشروع البحر الأحمر، والموقع التراثي في الدرعية، تجمع المملكة بين الابتكار، الترفيه، الاستدامة، والتراث، لتعزيز نمط حياة متكامل.
جودة الحياة في رؤية 2030 تشمل رفاهية المجتمع، صحته النفسية، توازنه بين العمل والحياة، والروابط الاجتماعية. يركز برنامج جودة الحياة على دعم القطاعات الثقافية، الترفيهية، والرياضية، مع تطوير البنية التحتية وتعزيز الخدمات لتحقيق مجتمع متوازن ومستدام.
وهو ما أشار إليه مجلس الوزراء مؤخرًا حين نوّه بإسهامه في تحقيق مستهدفات تطوير البنية التحتية، وتعزيز جودة الخدمات، وتنمية القطاعات الثقافية والترفيهية والرياضية.
حققت المملكة تقدمًا ملحوظًا في مؤشرات جودة الحياة الاجتماعية والثقافية:
* تحسين البنية التحتية: تطوير المرافق الصحية، التعليمية، وشبكات النقل يوفر بيئة آمنة ومستقرة.
* التنوع الثقافي والترفيهي: فعاليات مثل موسم الرياض والدرعية، المدرجة في قائمة اليونسكو، تعزز الانفتاح الثقافي. كما تقدم القدية، عاصمة الترفيه، تجارب عالمية مثل مدينـــــة Six Flags ومضامير فورمولا 1.
* تمكين المجتمع: مبادرات تدريب الشباب وزيادة مشاركة النساء في سوق العمل تعزز الشمولية والمساواة.
* التوازن بين العمل والحياة: ارتفع الوعي بأهمية الصحة النفسية والعلاقات الأسرية، مما يدعم التماسك الاجتماعي والاستقرار النفسي.
وتمتد جودة الحياة إلى تحولات في الوعي والفكر:
* الهوية الاجتماعية: المجتمع السعودي يتجه نحو هوية مرنة تتفاعل مع التأثيرات العالمية مع الحفاظ على الخصوصية المحلية.
* تعزيز الانتماء الوطني: شعور المجتمع بدورهم الفاعل، مدعومًا بالمشاريع مثل المشروع التراثي في الدرعية، يقوِّي الروابط الاجتماعية ويزيد التماسك.
* ارتفاع الطموحات: تحسين نمط الحياة يشجع على التعلّم المستمر وتطوير المهارات، مما يتيح التعبير عن الإمكانات بطرق مبتكرة.
* تحول القيم اليومية: المجتمع يتجه نحو تقدير الإبداع والتجارب الحياتية، مثل انتشار الفعاليات الفنية، والترفيهية والرياضية والثقافية مما يعزِّز السعي لتحسين نوعية الحياة.
وتدعم جودة الحياة الاقتصاد الوطني عبر:
* زيادة الإنتاجية: بيئة محسنة ترفع كفاءة القوى العاملة.
* جذب الاستثمارات: مشاريع مثل نيوم، المدينة الذكية، والدرعية التراثية تجذب السياحة والاستثمارات.
* تنوع فرص العمل: مشروع البحر الأحمر، بأكثر من 90 جزيرة، والقدية يوفران آلاف الوظائف في السياحة والترفيه.
وفي جانب الأبعاد البيئية تؤثّر جودة البيئة على صحة وسعادة المجتمع. مبادرات مثل زيادة المساحات الخضراء في الرياض وجدة، وتطوير محميات طبيعية في مشروع البحر الأحمر للحفاظ على التنوع البيئي، تدعم نمط حياة صحي.
كما يعزِّز التحول الرقمي جودة الحياة عبر:
* تسهيل الخدمات: تطبيقات مثل «أبشر» و»صحتي» توفر خدمات سريعة وسهلة.
* مجتمع متصل: استخدام الذكاء الاصطناعي في نيوم يعزِّز كفاءة الحياة اليومية.
* إعادة التدوير: مبادرات إلكترونية لإدارة النفايات تدعم الاستدامة.
ولتعزيز جودة الحياة، تواجه المملكة فرصًا لتوسيع نطاق المبادرات:
* استمرار توسيع الخدمات الريفية: استمرار زيادة الفعاليات الثقافية والخدمات في المناطق خارج المدن الكبرى.
* تطوير المهارات الرقمية: تمكين المجتمع للاستفادة من الخدمات الذكية.
* تعزيز الوعي البيئي: توسيع حملات التثقيف حول إعادة التدوير والاستدامة.
وتضمنت إحصاءات 2024:
* تقدم المملكة إلى المرتبة 20 عالميًا في مؤشر جودة الحياة 2024، بتحسن 20 مرتبة.
* تصدر الرياض المدن السعودية بـ165.9 نقطة في مؤشر 2025.
* انخفاض البطالة إلى 7.1% في الربع الثاني 2024.
* بلغت مشاركة النساء في سوق العمل 35.8%، متجاوزة هدف رؤية 2030.
* ارتفع متوسط العمر المتوقع إلى 78.29 سنة.
ومن تأثير جودة الحياة على المجتمع:
* انفتاح ثقافي: تقبل التنوع مع الحفاظ على الهوية السعودية.
* تماسك اجتماعي: تعزيز الروابط المجتمعية عبر الفعاليات الثقافية والرياضية.
* طموحات مرتفعة: بيئة محسنة تشجع الابتكار وريادة الأعمال.
وتشتمل التحولات المجتمعية المستقبلية على:
* المواطنة الفاعلة: تشجيع المسؤولية الاجتماعية ومشاركة المجتمع.
* تطور الثقافة والرياضة: استضافة إكسبو 2030 ودورة الألعاب الآسيوية الشتوية 2029 في تروجينا.
* الاستدامة الرقمية: تطبيقات المدن الذكية في نيوم.
* التوازن بين التقاليد والتجديد: الحفاظ على الهوية مع مواكبة العالمية.
وفي جانب السياحة والاستثمار بلغ عدد السياح في عام 2024 116 مليونًا، منهم 86.2 مليون سائح داخلي و30 مليون دولي، بإنفاق سياحي 283.8 مليار ريال، موزع بين السياح المحليين والدوليين. مشاريع مثل القدية (9.8 مليار دولار) والدرعية التراثية تعزِّز السياحة الثقافية والترفيهية، مما يدعم جودة الحياة والاقتصاد.
إن جودة الحياة في المملكة رحلة مستمرة لبناء مجتمع مزدهر. من خلال رؤية 2030 ومشاريع مثل نيوم، القدية، والبحر الأحمر، تعزِّز المملكة الانتماء والابتكار. ندعو المجتمع للمشاركة الفاعلة في هذا التحول، لنجعل السعودية مركزًا عالميًا للثقافة والرفاهية بحلول 2030.
** **
- متخصصة في السياسات والتخطيط الاجتماعي