: آخر تحديث

الثقل الاقتصادي

3
3
3

في المملكة المتحدة، تعرَّض الطالب السعودي محمد القاسم للغدر؛ حيث قُتل على يدٍ آثمة، ولم يُعرف بعد ما إذا كان القتل قد تم بشكل فردي أو أنه جريمة منظمة. وسبب الاعتقاد بالقول إنه قد يكون جريمة مُنظمة، تعرض طالب كويتي لمحاولة الغدر، ولكنه نجا بفضل الله، وحضرت الشرطة البريطانية لمسرح الجريمة، وظنت أن الطالب الكويتي طالب سعودي، فطلبت منه عدم إخبار السفارة السعودية بما حصل له من محاولة الغدر.

السؤال الذي يطرح نفسه: لماذا طلبت الشرطة البريطانية من الطالب عدم إخبار السفارة السعودية بما حدث له؟ بالطبع أنا أستنتج لماذا طلبت الشرطة هذا الطلب:

أولاً، لقرب جريمة الغدر الأولى بالطالب السعودي القاسم من محاولة الغدر بالطالب الكويتي.

ثانياً، العلاقات الدبلوماسية المميزة التي تربط المملكة العربية السعودية بالمملكة المتحدة البريطانية.

ثالثاً، الثقل الاقتصادي للمملكة العربية السعودية في علاقاتها الاقتصادية مع بريطانيا.

رابعاً، قيام السفارة السعودية بدور مهم في خدمة الجالية السعودية، ثم إن هناك طلبة عرباً يدرسون في مدن المملكة المتحدة، يمثل السعوديون معظمهم، وهم يعدون رافداً من روافد الاقتصاد البريطاني. فالطلبة العرب يدفعون رسوماً للجامعات، ويستأجرون سكناً، ويحتاجون إلى الطعام والشراب والملبس، فهم يساهمون في حركة الاقتصاد البريطاني.

ثم هناك جالية عربية مهمة تعمل في بريطانيا، وهم من دافعي الضرائب، فخسارة هؤلاء تعتبر خسارة فادحة للاقتصاد البريطاني. ولا ننسى السياح العرب الذين هم في معظمهم خليجيون، ويمثلون رافداً من روافد الاقتصاد البريطاني، فهم يشغلون قطاع الفنادق وقطاع المطاعم والترفيه، إضافة إلى التسوق.

بمعنى آخر: إن العرب أفراداً يصرفون مبالغ طائلة في بريطانيا، فيفترض من البريطانيين ألا يخسروهم لأن قطاع السياحة قطاع مهم في هيكل أي اقتصاد.

إن انتشار الجريمة واستهدافها فئةً محددة قد يؤديان بهذه الفئة إلى الابتعاد عن بريطانيا؛ لأنها أصبحت خطرة عليهم، واستبدال بلدان أخرى بها، تكون أكثر أمناً. فالعرب ليسوا مضطرين إلى أن يذهبوا إلى بلدٍ يمثل خطراً على حياتهم.

نعود إلى مهمة السفارة السعودية وخدمتها الرائعة للجالية السعودية. فقبل نحو 4 سنوات كُنت في بريطانيا، واضطرت زوجتي إلى الذهاب للولايات المتحدة الأميركية للعلاج، ولم تكن لدي «فيزا» تخولني دخول الولايات المتحدة الأميركية، فأرسلت «إيميلاً» إلى السفارة الأميركية في بريطانيا أطلب تأشيرة، فكان الرد أنه لا يمكنك الحصول على تأشيرة إذا كنت خارج بلدك إلا وفق ثلاثة شروط، نسيت اثنين منها، وأتذكر واحداً منها، وهو أن يكون لك ابن في الولايات المتحدة وحصل له حادث.

كانت الشروط الثلاثة لا تنطبق عليَّ، فأرسلت لهم مبرر طلب الحصول على التأشيرة مرفقاً بالمستندات، فحددوا لي موعداً بعد سنة! ولكون الحالة طارئة فقد طلبت مساعدة السفارة السعودية وتدخلها لدى السفارة الأميركية للحصول على التأشيرة، فاهتمت السفارة السعودية بطلبي، وطلبت مني إرسال جميع المستندات، وتدخلت لدى السفارة الأميركية لأحصل على التأشيرة خلال خمسة أيام. هذا نموذج واحد من اهتمام السفارة السعودية بمواطنيها.

ليس من مصلحة المملكة المتحدة انتشار الجريمة واستهدافها فئة معينة؛ إذ تجب حماية السياح والدارسين لتستمر زياراتهم لبريطانيا، والتي تمثل رافداً مهماً للاقتصاد البريطاني. فلو استمر تصاعد الجريمة ضد العرب، فإن الأفراد سيأخذون موقفاً خلال الذهاب لبريطانيا؛ سواء للسياحة أو عبر إيفاد أبنائهم للدراسة؛ سواء كان الإيفاد للدراسة المنتظمة أو الإيفاد الصيفي لدراسة اللغة، فكلما كان البلد آمناً جذب السياح والدارسين. ودمتم.


عدد التعليقات 0
جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
لم يتم العثور على نتائج


شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

في جريدة الجرائد