: آخر تحديث

الرياض مركز العالم

3
2
3

تغدو الرياض يومًا بعد يوم مدينة تعيد رسم خريطة الاقتصاد الإقليمي، ووجهة تجذب أعين الشركات العالمية الكبرى التي تبحث عن مركز تتقاطع فيه الفرص، والاستقرار، والقدرة على النمو. ومع تسارع خطوات رؤية 2030، لم تعد العاصمة محطة عبور في الشرق الأوسط، بل أصبحت العاصمة الاقتصادية الأهم في المنطقة، والمقر الإقليمي الأول للشركات متعددة الجنسيات.

ومنذ إطلاق برنامج المقرات الإقليمية عام 2021، وهو البرنامج الذي تقوده وزارة الاستثمار بدعم مباشر من القيادة الرشيدة، شهدت الرياض تحولًا استثنائيًا. فبحسب وكالة الأنباء السعودية، بلغ عدد الشركات العالمية التي أنشأت مقارها الإقليمية في المملكة نحو 600 شركة حتى عام 2025، وهو رقم يعكس حجم الثقة الدولية بالسوق السعودية، ويضع العاصمة في مرتبة متقدمة بين المدن الأكثر جاذبية للأعمال عالميًا.

ولم يتوقف الزخم عند الشركات الصناعية والتقنية والخدمية فحسب، بل امتد إلى القطاع المصرفي العالمي، الذي يُعدّ أحد أهم مؤشرات الثقة الاقتصادية. فقد أعلنت مجموعة HSBC إحدى أكبر المؤسسات المالية في العالم عن افتتاح مقرها الإقليمي في الرياض بعد حصولها على الترخيص الرسمي من وزارة الاستثمار. كما حصلت مؤسسات أخرى مثل J.P. Morgan على رخص مماثلة، في حين وسّعت بنوك عالمية مثل Goldman Sachs ,Morgan Stanley، BNP Paribas ,Citigroup حضورها التشغيلي والاستثماري في العاصمة، وفق ما أكدته تقارير مالية دولية واسعة الانتشار.

هذا التوسع في القطاع المالي لم يأتِ من فراغ؛ إذ حافظت المملكة على تصنيفها الائتماني المرتفع لدى أهم وكالات التصنيف العالمية، فيتش (A+) بنظرة مستقرة، وموديز (Aa3) بنظرة مستقرة وهي مؤشرات تعكس صلابة الاقتصاد السعودي، وتوازن المالية العامة، وقوة القطاع المصرفي، وقدرته على دعم حركة الاستثمار العالمية.

وتشكّل منطقة كافد (KAFD) اليوم واجهة هذا التحول؛ بيئة مالية عالمية تحتضن مقار البنوك والشركات الكبرى، بتصميمات حضرية حديثة ومعايير استدامة عالمية، لتصبح نموذجًا للمدينة المستقبلية التي تجمع بين الجاذبية الاستثمارية والتقنية المتقدمة والبنية التحتية المبتكرة.

وتقدّر وزارة الاقتصاد والتخطيط أن برنامج المقرات الإقليمية سيُسهم في ضخ أكثر من 70 مليار ريال سنويًا في الناتج المحلي الإجمالي بحلول عام 2030، إلى جانب توفير 30 ألف وظيفة نوعية للمواطنين والمواطنات في قطاعات الإدارة، والخدمات، والتقنية، والاستشارات. وهي مكاسب لا تعكس فقط حجم الاستثمار، بل تعكس أيضًا انتقال الخبرات العالمية إلى الداخل، وتعزيز تنافسية الكفاءات الوطنية في سوق عالمي يُدار من الرياض.

إن ما يحدث في العاصمة اليوم ليس مجرد توسع في الأعمال، بل هو تحوّل استراتيجي في موقع المملكة على خريطة الاقتصاد العالمي. بيئة تشريعية متطورة، إصلاحات اقتصادية متلاحقة، أنظمة مؤسسية متقدمة، واستقرار مالي جعل الرياض أرضًا خصبة لتنمية الشركات والأفكار والمواهب.

ومع كل شركة عالمية تختار الرياض، ومع كل بنك دولي ينتقل إليها، تتشكل ملامح مدينة جديدة، مدينة لا تستقبل العالم فقط، بل تصنع مستقبلًا يشترك فيه العالم منها.

وفي نهاية هذا المشهد الاستثنائي، يبرز دور القيادة السعودية ممثلة بخادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز، وصاحب السمو الملكي ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، -حفظهما الله- التي قادت هذا التحول برؤية جريئة جعلت من الرياض محورًا اقتصاديًا عالميًا، وقصة نجاح تتردد في مجالس الاستثمار الدولية.

فالرياض اليوم لا تتغير فحسب، بل تعيد تعريف معنى المركز، وتكتب فصلًا جديدًا في تاريخ اقتصاد يولد من الشرق بثقة وطموح، ورؤية لا تعرف المستحيل.


عدد التعليقات 0
جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
لم يتم العثور على نتائج


شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

في جريدة الجرائد