موسى بهبهاني
أشد ما يمر به الإنسان هو ألم فراق الأحبة... ففي الأسبوع الماضي اختار المولى عز وجل، الصديقين المرحومين بإذنه تعالى، (سامي القطان وعلي الداوود).
خبران مؤلمان كسرا القلب وسبّبا ألماً كبيراً، ألم الفراق كبير خصوصاً إذا كان مفاجئاً ودون مقدمات.
وأنا أكتب هذه المشاعر الصادقة النابعة من القلب المنكسر، أتألم عندما أسبق اسميهما بكتابة كلمة (المرحومان)... إنما هكذا هي الحياة، فالله هو الذي يعطي... ويمنع... ويمنح... ويأخذ... ويفرق ويقرب...
{ كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ ثُمَّ إِلَيْنَا تُرْجَعُونَ }
فالموت حق وهو المصير المحتوم لكل حي، مهما كان صغيراً أو كبيراً، غيّب الموت الصديقين العزيزين على قلوبنا، فكان المرحومان (سامي القطان وعلي الداوود) متميزين بخصال طيبة عدة، منها الأخلاق الحسنة، والابتسامة التي لا تغادرهما، وحسن المعشر، محبين لأسرهما وأصدقائهما، امتازا بالشخصية الطيبة والمحبوبة والتواضع والإيجابية، وكل من عرفهما أحبهما، انتقلا من دار الفناء إلى دار البقاء تاركين أثراً طيباً بعد رحيلهما من هذه الدنيا الفانية.
المرحوم / سامي سلمان القطان (بوسلمان)
من أبرز ما يتحلى به أنه كان مبادراً لإصلاح ذات البين، ويتألم كثيراً عندما يرى خلافاً بين الأصدقاء أو بين أفراد الأسرة الواحدة، فعندما يسمع بذلك يحاول بشتى الطرق المتاحة أن يجد وسيلةً لإصلاح هذا الخلاف، وقد رأيت منه هذا الفعل في حالات كثيرة جداً، حتى يصل به الأمر أن يشتد غضبه على الأصدقاء حين يقع بينهم الخلاف ولا يغادر المكان إلّا بإصلاح ذات البين.
هذا الإنسان الطيب تميّز بالابتسامة العفوية، فلا تكاد تراه يوماً تغادر الابتسامة محياه، وبضحكته المميزة والتي تلفت الأنظار إليه، ويداعب الآخرين لينشر بين الأصدقاء البهجة والفرحة بالدعابة المحمودة.
لقد صادفته في إحدى الدول، فلما التقينا بالصدفة، فإذا به يبادر بدعوتي إلى تناول وجبة الطعام مع عائلته الكريمة دون تردد، وهذا لا يتحلّى به إلا القليل من الأفراد.
نعم، الأصدقاء الحقيقيون يعتبرون جزءاً من الأهل، فهم ليسوا مجرد معارف بل يصبحون من ضمن العائلة باختيارنا، لأنهم يرتبطون بالقلب والروح أكثر من الدم، وهم سند وعون لنا في الحياة ويُعتبرون كنزاً ثميناً.
المرحوم / علي حسين الداوود (بوحسين)
محب للرياضة ومتعصبٌ للمنتخب الوطني، محبٌ للكويت، من خصاله أنه متواصل مع عائلته وأصدقائه، وقد رأيته في الكثير من المناسبات الاجتماعية يقوم بالتواصل مع جميع أطياف المجتمع دون تفرقة، فينظر إلى الجميع كمواطنين على حد سواء، وما يلفت النظر أنه تمكن من إعالة أسرته (والدته وشقيقته) وتحمّل مسؤولية العائلة عندما كان صغيراً بعد وفاة والده، تحمّل تلك المهمة الصعبة كاملة وبجدارة.
فكلا المرحومين، سامي القطان وعلي الداوود، مُبادر بالتواصل وحضور المناسبات الاجتماعية، سواء كانت أفراحاً أو أحزاناً، وذلك جوهر الإنسانية، وهي شيمة الأخوة التي تعكس التعاطف والترابط الإنساني، وتقوي الروابط الاجتماعية، وتعزّز التعاون والتماسك المجتمعي.
رحلتم يا (سامي وعلي) بجسديكما لكن ذِكراكما الطيبة ستظل في قلوبنا، لن ننساكما من دعائنا في كل الأوقات.
{ كُلُّ مَنْ عَلَيْهَا فَانٍ * وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ }
اللهم لا اعتراض على قضائك وقدرك، وندعو المولى عز وجل أن يشمل المرحومين (سامي القطان وعلي الداوود) بعفوه ورحمته، وأن يجعلهما مع النبيين والصّديقين والشهداء، وأن يجعل الجنة مثواهما، وأن يلهم أسرتهما الكريمة ومحبيهما الصبر والسلوان.
ولنا ذكرياتٌ مع من غابوا عنا بأجسادهم
لكن الروح لا تنسى من أَلِفَت وهامت بهم حباََ وشوقاََ..
فسلام على أرواح عانقها الموت وغفت بلحاف من تراب..
سلام لمن سكنوا القبور وفارقوا الأهل والدور.
«إنّا لله وإنّا إليه راجعون».

