: آخر تحديث

دراسة حالة ... موجه لمعالي الوزير

6
7
5

محمد ناصر العطوان

تشكّل الحقيبة المدرسية الثقيلة عبئاً صحياً ونفسياً على الطلبة، خصوصاً في المراحل الابتدائية، حيث يُحذّر الأطباء من مخاطر حمل أوزان تتجاوز 10-15 % من وزن الطفل على سلامة العمود الفقري، ولكن وفي خطوة مشكورة تبنت الكويت أخيراً بقرار وزاري من معالي وزير التربية سياسة تقسيم الكتب المدرسية إلى جزأين كحل لتخفيف الوزن، وهذه الخطوة المشكورة، تطرح تساؤلات حول فعاليتها مقارنة بالحلول التي طبقتها دول أخرى.

يُفترض في تجربة الكويت حسب الأرقام والنتائج المرجوة، أن الوزن قبل التقسيم تراوح بين 6-8 كجم للطلاب في المراحل الأساسية، ولكنه بعد التقسيم سينخفض الوزن إلى 3-4 كجم (بنسبة 50 %)، وذلك عبر:

- تقسيم الكتاب الواحد إلى جزأين.

- استخدام ورق خفيف وأغلفة مرنة دون التأثير على جودة المحتوى.

- أما التكلفة فقد أعلنت وزارة التربية أن التعديلات تمت دون تكاليف إضافية بالتعاون مع مطبعة الحكومة التابعة لوزارة الإعلام، حيث التزمت بالميزانية المخصصة مسبقاً لطباعة الكتب.

فكل الشكر لمعالي وزير التربية على اتخاذ القرار، ولا شك أن هناك جهوداً تنسيقية كثيرة بُذلت لعملية التطبيق والتنفيذ، وليسمح لي معالي الوزير مع تقديم الشكر أن أقدم الحذر عبر طرح التحديات التي قد تواجهنا في المستقبل مثل زيادة عدد الكتب المطبوعة بنسبة الضعف، ما قد يرفع التكاليف على المدى الطويل، خصوصاً أن سلطنة عمان طبقت التقسيم مع استخدام مواد خفيفة، لكنها واجهت تحديات في تكاليف الطباعة في ظل ارتفاع أسعار الورق عالمياً، والتحدي الآخر محدودية التأثير الصحي، فحتى مع التقسيم، قد يظل الوزن أعلى من النسبة الموصى بها (10-15 % من وزن الطفل) إذا أضيفت مواد أخرى مثل الدفاتر والاحتياجات والوجبات الغذائية.

أما ملك الطاولة في التحديات فهو عدم معالجة الأسباب الجذرية مثل كثافة المناهج واعتماد النظام التعليمي بشكل كلي على الورق.

وبجانب هذه التحديات اسمح لي أن أعرض أفضل الممارسات الدولية في تخفيف الحقيبة المدرسية، فكوريا الجنوبية اعتمدت الكتاب الرقمي منذ 2007، مع توفير أجهزة لوحية مدعومة من الحكومة، ما قلل الاعتماد على الكتب الورقية بنسبة 70 %، وخفض متوسط وزن الحقيبة إلى 2.5 كجم عبر دمج المنصات الإلكترونية التفاعلية، وكانت للكويت محاولة في ذلك بدأت «بالفلاش ميموري»، وانتهت بتوزيع أجهزة لوحية، ولكن لم تكتب لها النجاح لأسباب خارج إطار المقال.

أما ماليزيا فقد طبّقت نظام «الحقيبة الذكية» عبر تقسيم الكتب إلى وحدات دراسية شهرية، مع توفير خزانات شخصية في المدارس لتخزين الكتب غير المستخدمة يومياً، وكانت لوزارة التربية في الكويت تجربة في توفير الخزانات، لكي توضع فيها الكتب المدرسية، ولكن لم تكن هناك بنية تحتية رقمية تربوية في ذلك الوقت، ما جعل وضع الخزانات أشبه بتجهيز غرفة الولادة لمرأة لم تتزوج بعد!

وكعادة فنلندا، اتخذت القرار الجريء وألغت الكتب المدرسية التقليدية في بعض المراحل، واستبدلتها بمنصات رقمية، ومناهج تعتمد على المشاريع والأنشطة الجماعية، ما خفض وزن الحقيبة إلى 1.5 كجم.

في حين قد ساهم تقسيم الكتب في تخفيف الوزن بنسبة 50 % في الكويت، تبقى الحلول الجزئية غير كافية لضمان بيئة تعليمية مستدامة، تتطلب استدامتها دمج المهارات في التعليم بحيث تأخذ الحيز الأكبر من التقييم بعد حوكمة طرق قياسها، وإصلاح المناهج لتركز على الجودة بدل الكمية، وقدرة المعلمين والمدارس على إدارة التعليم الرقمي.

معالي الوزير...

الخطوة الأولى ناجحة، لكن الطريق لا يزال طويلاً، نتمنى أن نرى كويت التعليم – تحت قيادتكم – تتبنى خطة مرحلية تجمع بين:

1.التقسيم (كحل فوري).

2. التوعية بأضرار الحقائب الثقيلة (مساند إعلامي).

3.التحول الرقمي ودمج المهارات (كحل إستراتيجي).

وإلّا سوف نبقى في سلسلة الحلول الموقتة، ويبقى السؤال يتكرّر: هل يُمكن تحقيق التوازن بين التكاليف المالية وحماية صحة الطلبة دون إصلاح جذري للنظام التعليمي؟... وكل ما لم يُذكر فيه اسم الله... أبتر.


عدد التعليقات 0
جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
لم يتم العثور على نتائج


شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

في جريدة الجرائد