سهوب بغدادي
هل استيقظت يومًا ما وأنت في غاية النشاط والحيوية، ثم باغتك التعب دون سابق إنذار أو أسباب وجيهة؟ على سبيل المثال لا الحصر، كنت نشيطًا حتى لمحت اتصالاً من «فلان» على شاشة هاتفك، فشعرت بالتعب في لحظتها! أو كنت على وشك البدء في الدراسة، ومع فتح أول صفحة من الكتاب باغتك التعب! أو شعرت بالتعب بمجرد دخولك اجتماع عمل، أو تجمعاً عائلياً، وما إلى ذلك من الأمثلة والمواضع التي تشعر فيها بالتعب دون مبرر، خاصةً إن كنت أخذت قسطًا كافيًا من الراحة في تلك الليلة، وتزوَّدت بالطعام الكافي، فما الإشكالية؟ في بعض الأحيان يشعر الشخص بأنه «معطوب» أو يعاني من خلل ما، بل إنه أمر يدعو للاستغراب والاستنكار من الذات وعليها، بحسب الطبيب المختص في الصحة النفسية لمجتمع الجيمرز «ألوك كانوجيا» أن التعب يصنّف من المشاعر، والمشاعر تلعب دورًا مهمًا في مواطن عديدة بالنسبة للإنسان منذ بداية وجوده على الأرض في قديم الزمان، فالتعب رسالة لحفظ وتوفير الطاقة، فتلك المكالمة سترهقك «نفسيًا» احتمالاً باعتبار أن صديقك «شكاء بكاء» واعتدت أن «تطبطب» عليه دون أن يستمع إلى نصائحك التي تبذل مجهودًا عقليًا هائلاً لكي تفيده وتحل إشكالياته، إلا أنه في كل مرة تمر لا يستمع إلى ما تقول، وإن وعدك بفعل العكس، كما تعد المهام المطولة كالمذاكرة والحفظ والقيام بأعمال المنزل وغيرها مثيرة للتعب، لتوفر عدة عناصر بها، كطول مدة إنجازها مثل كتابة رسالة الدكتوراه، وتعقيد المهمة، واستلزام تراكب المهارات وتنوعها كمهارات التحليل والحفظ والبحث، أيضًا كون بعض الأعمال يسودها التكرار، فإن كي وطي الملابس مهمة بلا نهاية وستستمر إلى الأبد، فكل هذه المعطيات تتداخل مع شعور التعب، بالطبع، يجب على الشخص أن يصنّف الشعور أولاً ويتوقف عليه ويفسره بطريقة صحيحة، بأن يكون الشعور مباغتاً ولا يمت للحالة الجسدية أو النفسية بصلة؛ بمعنى أنه أخذ القسط الكافي من الراحة والنوم، والطعام، وألا يرتبط الشعور بأمراض واعتلالات نفسية بشكل مباشر كالاكتئاب -حماكم الله- في حال فنّد الشخص كل ما سبق ولم يجد سببًا للتعب، فعليه أن يتجه إلى المؤثّرات الخارجية ومحيطه، قد تكون المسببات المتعبة أشياء أو أحوالاً أو ظروفاً أو أماكن، أو حتى أشخاصاً!
قد تكون الحياة متعبة بحق، إلا أنها ستصبح أقل ثقلاً إذا أنزلت كل حاجة في موضعها وقدرها، فنحن من نعطي الأشياء أكبر من حجمها، ونهوِّل المعطيات ونخلق هالة من الهلع والتوجس حولها.