: آخر تحديث

رسائل سعودية في مجلة أتلانتيك

48
41
35
مواضيع ذات صلة

يعتقد البعض أن مقابلة ولي العهد مع مجلة أتلانتيك الأميركية العريقة (تأسست في 1857) هي خارطة طريق سعودية للأطراف الغربية، وإن صح هذا الأمر في ظاهره، إلا أن هناك بُعدا آخر أعمق، وهو أن الأمير محمد بن سلمان بيَّن المنهجية السياسية ورؤية الدولة لمفاصل القضايا الرئيسة الداخلية والخارجية.

الرسائل السياسية التي بعثها ولي العهد من خلال المقابلة الصحافية التي أجراها محرر مجلة أتلانتيك غرايمي وود ورئيس تحريرها غيفري غولدبيرغ، كانت ذكية، وهو ما يؤكده التفاعل الإعلامي الإقليمي والعالمي الكبير معها، خاصة مع الانطباعات الجديدة لصورة السعودية في الذهنية الغربية.

إذا أردنا فهم سياق مقابلة ولي العهد فيمكن تقسيمها إلى ثلاثة مفاصل رئيسة، (البُعد الداخلي، والبُعد الإقليمي، وبُعد المصالح القومية السعودية في العلاقة مع الحليف أميركا).

الرسائل الداخلية تبلورت في أن التطور الحالي يأتي وفقًا لمقومات وطننا الاقتصادية والثقافية وشعبها وتاريخها، وأن المشروعات الإبداعية الضخمة التي تشهدها السعودية إضافة جديدة للعالم وليست تجارب مستنسخة من هنا وهناك، وأن عمليات التحديث الحالية تندرج ضمن إطار ثقافتنا ومُعتقداتنا، وأن الإصلاحات المتعلقة بالمرأة ليست استرضاءً لأحد بل قناعة شرعية ووطنية بالدرجة الأولى.

الرسالة الأهم للرأي العام الداخلي، هو أن المتطرفين سنة وشيعة اختطفوا الإسلام ولم يجدوا من يوقفهم عند حدهم، وأن جماعة الإخوان لعبت دورًا ضخمًا في صناعة التطرف، لذا قامت الدولة بواجبها الوطني من خلال تجفيف منابع التطرف والإرهاب على الصّعُد كافة.

بالنسبة للرسائل الإقليمية التي جاءت في مقابلة ولي العهد، كانت تأكيده على أن مجلس التعاون الخليجي دولة واحدة في مواجهة المخاطر والتحديات، وأن السعودية وإيران جارتان لا يمكن لأحدهما التخلص من الأخرى، والحل المستدام بينهما يكمن بتحقيق التعايش.

أما "إسرائيل" فقد وضعها الأمير محمد في موقف لا يقبل القسمة على اثنين، ورمى الكرة في ملعبها إن أرادت أن تكون "حليفا مُحتملا"، وهو حل مشاكلها مع الفلسطينيين، ولا سبيل لها سوى تنفيذ بنود "مبادرة السلام العربية" القائمة على إنشاء دولة فلسطينية معترف بها دولياً على حدود 1967، وعودة اللاجئين، والانسحاب من هضبة الجولان المحتلة، مقابل اعتراف وتطبيع العلاقات بين الدول العربية معها.

نعم هناك بعض الفتور الذي أصاب العلاقات السعودية - الأميركية، وهذا وارد الحدث في كل إدارة أميركية، ولكن - كما قال ولي العهد - إن على البيت الأبيض أن يعي ما ينبغي عليها فعله لتنمية مصالحه السياسية والاقتصادية مع الرياض، فاستثماراتنا لديهم 800 مليار دولار، وهناك فرصة لتعزيز مصالحنا أو خفضها، ومن ذكاء الأمير محمد إدخال الصين في موضوع المصالح مع واشنطن، عندما أعلن أن استثمارات السعودية في الصين أقل من 100 مليار دولار، إلا أنها تنمو بسرعة كبيرة.. دمتم بخير.


عدد التعليقات 0
جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
لم يتم العثور على نتائج


شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

في جريدة الجرائد