الرباط: قال عبد الإله ابن كيران، رئيس حكومة تصريف الأعمال، وأمين عام حزب العدالة والتنمية المغربي "ليس هناك شخص انتدب لخدمة الشأن العام وخدمة المواطنين إلا وجد نفسه أمام أربعة خيارات هي : خيار الثورة ودخول المتاهات، أو الانبطاح مقابل عرض من الدنيا قليل، أو خيار التهميش والاهتمام بالأمور الشخصية، أو أن يسير في طريق الاعتدال"، معتبرا أن الراحل محمد بوستة، كان من رواد هذا الطريق، والاعتدال.
وأضاف ابن كيران، في كلمة ألقاها بمناسبة أربعينية الراحل بوستة، نظمها حزب الاستقلال مساء اليوم الجمعة، بمسرح محمد الخامس بالرباط، أن طريق الاعتدال هو أصعب الطرق وأشقها، موضحا أن صاحبه يعاني مما سماه "تطرف الذين يسيرون على يساره ويمينه، ويعاني من إشكاليات الذين يريدون أن يجعلوا الوطن كعكة يأكلونها ولا يتركون للفقراء والمساكين شيئا"، وذلك في رسالة مشفرة لخصومه الذين عرقلوا مساعيه في تشكيل الحكومة.
وأكد رئيس الحكومة، في كلمة لاقت قبولا حارا من طرف الحضور الذي ملأ جنبات المسرح الوطني محمد الخامس، أن أي مغربي له "حظ في الاستقلال إلا وذكر حزب الاستقلال، ويكفيني فخرا أن والدتي كانت استقلالية"، مذكرا أنه في الانتخابات السابقة "سألها حفيدها عمن صوتت وأنا أمين عام حزب العدالة والتنمية، فردت عليه، هذا ليس شأنك، وأكيد أن هذا من شطارة حزب الاستقلال". واثنى على حزب الاستقلال الذي أعتبره مدرسة في الوطنية والنضال.
وزاد ابن كيران، في معاملته لحزب الاستقلال وقياداته التاريخية بحضور التيارين المتناحرين على الزعامة، معسكر شباط من جهة، وتيار غلاب وبادو من جهة في الجهة المقابلة، حيث قال إن "مذهب حزب الاستقلال وسطي لو اتبعه الكثيرون لما وقعنا في الكثير من المآسي"، مؤكدا أنه من منا لا يقول "لنرجع إلى تراث علال الفاسي، ونرجع إلى النقد الذاتي لعلال الفاسي".
وخص ابن كيران الراحل محمد بوستة، بالكثير من الثناء والإطراء لمساره السياسي الحافل، مسجلا أنه "لو كان بيننا وحكى لنا ما عاشه من مرارة ستجدون أنه عانى الكثير"، قبل أن يضيف "ولكن يا ترى من أين جاء بهذه القوة ليصبر ويصمد في كل المواقف ويغادر أرضنا هذه، والجميع يثني عليه من ملك البلاد إلى آخر المواطنين الذين علموا بوفاته".
وتحدث ابن كيران في حديثه، عن مناقب بوستة ومنهجه "كل هذا جاءه من عقيدته الإسلامية الصلبة ، و جاءه من تربيته الأسرية ومن تكوينه وتربيته في حزب الاستقلال وجاءت من زاده واستقامتهه ونظافة يده، التي غادرها وهو متمسك بها"، مبرزا أن المغرب في حاجة إلى "هؤلاء المعتدلين الذين لا يترددون في مناصرة المشروعية والتشبث بالملكية الدستورية واعتبار هذا الأمر قضية شخصية لا يدخل فيها لا منصب ولا جاه ولا مال ولا خوف".
وزاد رئيس الحكومة مبينا أن هؤلاء المعتدلين من أمثال بوستة" يكونون قادرين على أن يرفعوا راية مصلحة المواطن وعموم الشعب والمقاولة والأطر والفقراء والمساكين الذين لا صوت لهم ولا يحسنون الدفاع عن مصالحهم"، وأضاف موجها حديثه لخصومه في نبرة لا تخلو من تحدي "بيننا وبين المنتفعين الجنائز وبيننا وبين الذين يعتبرون الوطن خالصا لهم يستمتعون به كما يشاؤون ولا يبالون بأهله الجنائز، حيث تخرج الجماهير للتعبير عن عاطفتها"، مؤكدا "هذا هو زادنا اليوم لكي نواصل مسارنا وطريقنا في إطار الاعتدال ومناصرة المشروعية وفي إطار الدفاع عن الحق وقول الحق وعدم التنازل في المبادى".
واستدرك رئيس الحكومة في كلمته القوية قائلا "التنازل الذي يكون دافعه مصلحة البلاد والوطن هذا ليس تنازلا"، وأضاف موضحا أن "التنازل هو المدفوع الثمن وهو التنازل عن المبادئ لصالح المصالح وهذا ما لا يجوز أن يكون"، وذلك في رد غير مباشر على منتقدي قبول حزب العدالة والتنمية مشاركة الاتحاد الإشتراكي في الحكومة، والذين اعتبروه تنازلا عن المبادئ وتمسكا بالمناصب والغنائم.
وشدد ابن كيران، على أن حزب الاستقلال "مازال عنده دور يجب أن يقوم به كاملا ويجب أن يكون موحدا كما تمنى محمد بوستة وهذا أملي إليكم جميعا"، وذلك في دعوة مباشرة من ابن كيران لأعضاء حزب الاستقلال الذين يتصارعون فيما بينهم حول قيادة الحزب.