: آخر تحديث
بعد فوزه بجائزة أفضل إخراج في "نظرة ما"

مخرج "كان يا ما كان في غزة": الآن ليس وقت النقد بل وقف الإبادة

6
6
3

إيلاف من كان: حقق الشقيقان عرب وطرزان ناصر إنجازًا سينمائيًا لافتًا بفوزهما بجائزة أفضل إخراج في قسم "نظرة ما" ضمن فعاليات مهرجان كان السينمائي 2025 عن فيلمهما الجديد "كان يا ما كان في غزة". وفي حوار خاص مع "إيلاف"، تحدث المخرج عرب ناصر عن خلفيات الفيلم، وتفاصيل تطوره، والتحديات التي واجهتهم خلال إنجازه، كما علّق على الواقع المأساوي في غزة والموقف من العدوان المستمر.

كيف بدأت كتابة الفيلم وما هي ظروف تطوره؟
الفيلم ليس موضوعًا جديدًا بالنسبة لنا، بل يأتي امتدادًا لمشروعنا السينمائي المستمر لتوثيق حياة الإنسان الغزّاوي. بدأنا في كتابة الفيلم عام 2015، وخلال تلك السنوات عملنا على أفلام أخرى، لكن هذا المشروع ظل حاضرًا، يعود ويتطور باستمرار، حتى اكتمل السيناريو بالكامل في السادس من أكتوبر، أي قبل يوم واحد فقط من عملية ٧ اكتوبر

هل أثّر العدوان الأخير على نهاية الفيلم؟
لم يتغير أي شيء في النص بعد ما حدث. لم نُعد كتابة أي تفصيل، وأبقينا العمل كما هو. لكن ما اكتشفناه لاحقًا هو أن أهمية الفيلم ازدادت كثيرًا، لأنه يتناول فترة ما بعد عام 2007، بعد فوز حماس بالانتخابات، حين فرضت إسرائيل حصارًا رسميًا على غزة واعتبرتها "كيانًا معاديًا". منذ ذلك الحين، تغيّر شكل الحياة بالكامل، واتّسع السجن، وأصبح الحصار محسوبًا حتى على مستوى السعرات الحرارية التي يسمح بدخولها للفلسطيني.

ما الذي دفعك لاختيار فنان سوري لبطولة الفيلم، رغم صعوبة إتقان اللهجة الغزّاوية؟
"نحن لا نختار الممثل بناءً على جنسيته، بل ننظر أولًا إلى طاقته، وثانيًا إلى شكله وبنيته الجسدية، وثالثًا – وهذا يأتي في المرتبة الأخيرة – إلى خلفيته أو من أين هو. نؤمن بقدرتنا على العمل على أي تفصيل، طالما أن الطاقة المناسبة موجودة.

في هذا الفيلم، كان لدينا ثلاث شخصيات رئيسية خضعت لتدريب طويل على مدى عام كامل لاكتساب اللهجة الغزّاوية، وهو أمر صعب بالفعل، خصوصًا أن اللهجة السورية مختلفة جذريًا على مستوى الإيقاع والنبرة وحتى عضلات النطق. إتقان اللهجة الغزّاوية يتطلب تغيّرًا كاملًا في الأداء الصوتي، بما يشبه "إعادة برمجة" للجهاز الصوتي.

لذلك، لم تكن المسألة مرتبطة بجنسية الممثل بقدر ما كانت مرتبطة بإيماني بأن أي فنان، إذا امتلك الطاقة الصحيحة والرغبة الحقيقية، يمكنه تجاوز كل هذه التحديات. خصوصًا حين نتحدث عن واقع كالحصار في غزة، حيث كانت حتى السعرات الحرارية لكل فرد تُحتسب بدقة؛ فالسؤال الحقيقي هو: ما الذي كنّا نتوقعه من هؤلاء الناس؟

الموسيقى التصويرية كانت رائعة بالفيلم؟
الموسيقى أعدّها أمين بوحافة، الذي أوجه له تحية كبيرة. فلقد عمل خلال وقت ضيق للغاية، ومع ذلك نجح في تقديم موسيقى عبّرت بصدق عن المكان والحالة والشخصيات. كان هناك تفاهم كبير بيننا، وقدّم في النهاية ما كنت أتخيله تمامًا منذ البداية.

هل من حق السينما توجيه النقد لعناصر القضية الفلسطينية؟
أبدًا. اليوم يُسفك الدم في غزة، ولا يوجد أي مبرر لما يحدث. عندما يُطلق صاروخ على مدرسة تعلم تمامًا أن فيها أطفالًا، فما الذي يمكن نقده؟ النقد بين الفلسطينيين مهم بالتأكيد، وأنا لست ضده، بل أراه ضروريًا، لكن ليس الآن. الآن هو وقت وقف الإبادة، لا وقت التحليل أو التقييم.

أهل غزة سيكون لهم رأي بالتأكيد عن الفيلم حين يشاهدوه؟
وصلنا الكثير من الآراء حول افلامنا السابقة التي صورناها في غزة ، حتى السلبية منها، وأحببناها لأنها صادقة. أحد الأشخاص علّق قائلًا: "كيف سُمح له بالتصوير في غزة؟"، وقد شعرت بأننا نجحنا فعلًا، لأن الصورة بدت لهم واقعية تمامًا. كنا دقيقين للغاية في تفاصيل الفيلم، حتى لون علبة السجائر كان محسوبًا، لأننا نهدف إلى أرشفة حياة الغزّاوي، وتوثيق الحصار، والخيارات التي حُرم منها الناس.

هل لديكم مشاريع مقبلة؟
بالتأكيد، هناك مشاريع قادمة. لكن ما يجري حاليًا أكبر من أي مشروع. نأمل أن تتوقف الإبادة، وعندها يمكننا أن نعود لنفكر في المستقبل، وما يمكن أن نقوله. لكن الحقيقة أن ما يحدث الآن، لا يمكن لأي فيلم أن ينقله أو يعبّر عنه.


عدد التعليقات 0
جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
لم يتم العثور على نتائج


شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

في ترفيه