: آخر تحديث

محاولة قراءة مختلفة لواقع متغير

16
14
12

عندما نتحدث هذه الايام عن اليوم الذي سيلي الحرب في غزة او في لبنان، ودون ان نلتفت نحاول تحليل الواقع السياسي والعسكري والجيوسياسي كما نعرفه وكما كان قبل السابع من اكتوبر 2023.

نحاول ان نتعامل مع حماس وحزب الله كما كان الوضع قبل الحرب ونحلل بشكل يضع هذين التنظيمين في ذات الخانة السابقة، ليس لاننا نعتبرهم هكذا، بل اننا اعتدنا على ان نقوم بالحسابات المتبعة بحسب قوة هذا التنظيم او ذاك وسيطرته المطلقة على ارضه او دولته.

لكن إذا حاولنا لتوقف قليلا عن اتباع سردية حماس (حركة المقاومة الاسلامية) وحزب الله (هم الغالبون) نرى ان الوضع على الارض اليوم يختلف، بل مغايرا بشكل كبير للسردية المتبعة والتي تقول ان حماس تسيطر على قطاع غزة وتعلم كل شاردة وواردة وما يتعشى الغزاوي في بيته قبل النوم.

وكذلك حزب الله والذي وصفه اللبنانيون بالدويلة التي لديها دولة اذ سيطر الحزب على مفاصل الدولة بشكل كامل وأرعب الفرقاء الآخرين إلى حد التخوين ان عارضوه حتى في أمور داخلية.

فحماس اليوم ليست حماس قبل وهي أضعف من ان تقرر ما سيحدث في حي الشجاعية او مدينة الشيخ زايد وأضعف من ان تقرر كيف يتم توزيع المساعدات واهل غزة يقولون لا لحماس وبصوت عال بالرغم من الاحتلال والدمار والتهجير والنزوح المتكرر شمالا وجنوبا وهكذا دواليك.

حزب الله يبدو عسكريا اوهن من بيت عنكبوت اسرائيل، اما سياسيا فيستند على إيران التي ترسل وزيرا او مبعوثا او سفيرا ليفاوض اللبنانيين على مستقبل بلدهم هم، بعد ان فقد سيطرته السياسية بسبب خسائره في الميدان وتصفية قياداته، حتى ان سطوة إيران بدأت تخف وتوهم والدليل على ذلك دعمها للاتفاق الذي يتبلور مع الاميركيين والاسرائيليين لوقف النار وفصل الساحات.

ضعف حزب الله ظهر جليا في كلمة أمينه العام الجديد والذي طلب الإذن بدخول الحزب ضمن إطار اتفاق الطائف الأمر الذي طالما رفضه الحزب فاتفاق الطائف يعني بسط سيطرة الدولة (الجيش اللبناني) على كل الأراضي والغاء الطائفية السياسية.

عندما نأتي اليوم لقراءة الوضع الحالي وواقع غزة ولبنان يمكن القول ان التطورات ستكون مختلفة إذا اخذنا بالحسبان تحجيم حماس في غزة وحزب الله في لبنان، فلا يمكن اليوم الحديث عن اليوم الذي سيلي هذه الحرب المدمرة والتي بدأتها حماس بتقديرات خاطئة، ويكملها حزب الله مرغما لانه اعتمد مقولة الإسناد ووحدة الساحات لمحور المقاومة الذي بات ضعيفا بسبب التردد في طهران باتخاذ قرار الحرب ودعم الأذرع.

عندما سيأتي ذلك اليوم الذي سيلي، لن تكون حماس مكونا قويا يفرض نفسه في البيت الفلسطيني وعلى الأكثر تأثيرها سيكون مثل اي فصيل فلسطيني صغير بعد ان تتخلى مرغمة عن سلاحها.

كذلك الأمر مع حزب الله الذي سيصبح كما يبدو حزبا سياسيا في حال لم يوجّه سلاحه للداخل اللبناني. ويوم لبنان الذي سيلي قد يتأخر مما بعد المواجهة مع العدو الاسرائيلي إلى ما بعد انتهاء الحرب الاهلية القادمة في لبنان في حال استمر الحزب في تماديه وتوجيه بندقيتة باتجاه الداخل اللبناني.

كلام كثير يدرو في كواليس عواصم القرار في منطقتنا لكن ما هو مؤكد هو العزم هو على تغيير جذري في خريطة التفاهمات والتحالفات لما فيه استقرار المنطقة.

وهذا العزم يرافقه حزم واصرار، ولكن بهدوء وروية، ننتظر ونرى ولا نستبق الأمور   والعين على الرياض.


عدد التعليقات 0
جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
لم يتم العثور على نتائج


شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

في كتَّاب إيلاف