باريس : كان الفوز الذي حققه باريس سان جرمان الفرنسي الثلاثاء في معقل ليفربول الإنكليزي 1 0 ثم بركلات الترجيح في إياب الدور ثمن النهائي لمسابقة دوري أبطال أوروبا لكرة القدم، بمثابة اعلان نية قوي جدا للمشروع الجديد لنادي العاصمة الفرنسية في حقبة ما بعد كيليان مبابي.
كان سان جرمان في الفترة السابقة مدعاة للسخرية أوروبيا بسبب تلعثمه في الأدوار الإقصائية لدوري الأبطال حتى بعد تقدمه بنتيجة كبيرة، على غرار ما حصل ضد برشلونة الإسباني عام 2017 حين فاز برباعية نظيفة في ذهاب ثمن النهائي قبل الخسارة الدراماتيكية إيابا على أرض النادي الكاتالوني 1 6.
لكن مواجهة هذا الموسم ضد متصدر الدوري الممتاز تتناقض بشكل صارخ مع الانهيارات السابقة ضد فرق مثل برشلونة ومانشستر يونايتد الإنكليزي (فاز سان جرمان في ذهاب ثمن النهائي 2 0 وخسر إيابا 1 3 في موسم 2018 2019) وريال مدريد الإسباني (فاز سان جرمان في ذهاب ثمن النهائي 1 0 وخسر إيابا 1 3 في موسم 2021 2022).
قدم فريق المدرب الإسباني لويس إنريكي أداء رائعا في مباراة الذهاب الأسبوع الماضي، ومع ذلك خرج منها خاسرا 0 1، مما تركه أمام مهمة شاقة قبل الإياب في "أنفيلد" حيث لم يُهزم ليفربول إلا مرة واحدة هذا الموسم.
لكن الفريق الباريسي تقدم الثلاثاء في وقت مبكر من المباراة عن طريق عثمان ديمبيليه الذي رفع رصيده إلى 29 هدفا هذا الموسم في جميع المسابقات، مُعادلا بذلك النتيجة الإجمالية لهذه المواجهة ضد المصري محمد صلاح ورفاقه في "الحمر".
كان هدف ديمبيليه الفاصل الوحيد بين الفريقين في الدقائق التسعين بعدما صمد سان جرمان أمام الضغط بفضل جهود حارسه الإيطالي جانلويجي دوناروما، مهددا بدوره مضيفه بفضل تحركات الجورجي خفيتشا كفاراتسخيليا والبديل ديزيريه دويه.
وكان الضيف الفرنسي الطرف الأفضل أيضا في الشوطين الإضافيين اللذين لم يشهدا أي تعديل على النتيجة، ثم حافظ على رباطة جأشه ببراعة في ركلات الترجيح، مسجلا جميع محاولاته الأربع بينما تصدى دوناروما لركلتي الأوروغوياني داروين نونييس وكورتيس جونز.
على مدار العقد الماضي، دأب سان جرمان بقيادة ملاكه القطريين على ضم مهاجمين من الطراز الرفيع، لكنه عانى من هشاشة دفاعية جعلته عرضة للانهيار في المباريات الأوروبية الكبرى، على غرار ما حصل عام 2017 ضد برشلونة.
ما حصل ضد النادي الكاتالوني دفع الإدارة القطرية إلى التعاقد مع مبابي والبرازيلي نيمار في أكبر صفقتي انتقال في تاريخ كرة القدم، وأثمر ذلك عن الوصول إلى نهائي المسابقة بنسختها المُختزلة عام 2020 في فترة تفشي جائحة كوفيد 19، ونصف نهائي عام 2021.
ثم وصل النجم الأرجنتيني ليونيل ميسي، لكن بدا أن جرمان يبتعد أكثر فأكثر عن حلم الفوز باللقب حتى وصول إنريكي في 2023.
أوصل مدرب برشلونة وإسبانيا سابقا الفريق الباريسي إلى نصف النهائي الموسم الماضي بقيادة مبابي في خط المقدمة، لكن الخسارة أمام بوروسيا دورتموند الألماني تركت شعورا كبيرا بالحسرة والتساؤل حول ما كان سيحصل لو تخطى الفريق هذه العقبة.
"فريق حقيقي"
في هذه الأثناء، أصرّ إنريكي على أن سان جرمان سيصبح أفضل بعد رحيل مبابي، وتبين أنه كان محقا.
قال الإسباني لقناة "كانال +" الثلاثاء "أظهرنا أننا فريق حقيقي".
بدأ سان جرمان المسابقة هذا الموسم بشكل بطيء، حيث خسر أمام أرسنال الإنكليزي وأتلتيكو مدريد الإسباني وبايرن ميونيخ الألماني، ما جعل إنريكي عرضة لانتقادات لرفضه اللعب بمهاجم صريح.
أصبح كل ذلك الآن ذكرى بعيدة بالنظر إلى الأداء الرائع الذي قدمه الفريق في الأشهر الثلاثة الماضية، بما في ذلك تسجيله 21 هدفا خلال سلسلة من خمسة انتصارات متتالية في أوروبا قبل مواجهة ليفربول.
وأصبح ديمبيليه أحد أخطر المهاجمين في العالم، مسجلا 24 هدفا في 19 مباراة منذ منتصف كانون الأول/ديسمبر. وقدم كفاراتسخيليا، الجناح القادم من نابولي الإيطالي في كانون الثاني/يناير، أداء رائعا ضد ليفربول لدرجة أن جماهير "أنفيلد" صفقت له عند استبداله في الوقت الإضافي.
كما قدم إنريكي إلى الساحة دويه الموهبة الرائعة، بينما يجمع لاعبا الوسط البرتغاليان فيتينيا وجواو نيفيش بين البراعة والحيوية التي لا تنضب.
بإضافة الدولي الإكوادوري ويليان باتشو، يكتمل خط دفاع قوي إلى جانب البرازيلي ماركينيوس والظهيرين المغربي أشرف حكيمي والبرتغالي نونو مينديش.
قال القائد ماركينيوس، الناجي الوحيد من كارثة برشلونة عام 2017، الثلاثاء "ليس لدينا أي حدود، لكن ما زلنا بحاجة إلى التحسن".
"هذه مجرد البداية"
وينتظر سان جرمان في ربع النهائي أستون فيلا الإنكليزي ومدربه الإسباني أوناي إيمري الذي كان على رأس الإدارة الفنية لنادي العاصمة الفرنسية في الهزيمة النكراء أمام برشلونة في 2017، أو بروج البلجيكي، مع احتمال مواجهة ريال مدريد بقيادة مبابي في نصف النهائي.
في تحليله لما قدمه ضد ليفربول، قال سمير نصري، لاعب خط الوسط الفرنسي السابق الذي يعمل الآن محللا في قناة "كانال +"، عن فريق إنريكي "حظا سعيدا لأي فريق سيواجه باريس سان جرمان" لأن المهمة ضده ستكون شاقة إذا ما واصل الأداء على هذا المنوال.
وتابع "برشلونة قادر على أن يكون ساحرا في لحظات معينة، لكن اليوم، من الناحية الجماعية، كفريق، أعتقد أن باريس سان جرمان هو الفريق الأفضل".
إنه فريق شاب أيضا، إذ بلغ متوسط أعمار لاعبيه الأساسيين الثلاثاء أقل من 25 عاما، مقارنة بمتوسط أعمار لاعبي ليفربول الذي يقارب 28 عاما.
كان خمسة من لاعبيه الأساسيين في الرابعة والعشرين من عمرهم أو أقل، بينما يبلغ عمر البديلين دويه ووارن زاير إيمري 19 عاما فقط.