: آخر تحديث

سقوط بشار الأسد: ما معنى ذلك لخامنئي؟

13
12
12

أخيرًا، بعد أربعة أيام من سقوط بشار الأسد، ألقى خامنئي خطابًا بذل فيه كل جهده لمنع ما سماه "إفراغ القلوب" من الخوف. ولكن يبدو أنه لم ينجح في ذلك، حيث بدأ العديد من أفراد نظامه في الاحتجاج على عدم قدرتهم على الحفاظ على الأسد في السلطة.

مع سقوط الأسد، انهار استثمار نظام ولاية الفقيه أربعين عامًا في تصدير الحرب والأزمات والإرهاب. العبارة الأكثر دقة هي ما قالته مريم رجوي في اجتماع المجلس الوطني للمقاومة الذي تم عقده بمناسبة هذا الحدث، حيث قالت: "العمق الاستراتيجي للنظام الإيراني في المنطقة انهار". لم يعد هناك سوريا تحت حكم بشار الأسد، بل مع سقوطه انتهت حياة حزب الله أيضًا، لأن الطريق أمام حزب الله للحصول على 'صواريخ، وملابس، وطعام، ومال…' من خامنئي قد أغلق تمامًا".

كان حسين طائب، قائد جهاز المخابرات السابق في قوات الحرس، الذي وصف سوريا بأنها "المحافظة الخامسة والثلاثين" لإيران، ضعيفًا في تقييمه أهمية سوريا للحفاظ على النظام! في الواقع، كانت سوريا هي جوهر المحافظة على نظام ولاية الفقيه، ومربط الفرس، وأساس تصدير الحروب والأزمات إلى الخارج.

منذ اليوم الأول، اعتمد هذا النظام على ركيزتين للبقاء في الحكم: القمع الداخلي والحرب والأزمات والإرهاب في الخارج. ونظرًا للطبيعة المناهضة للتاريخ لنظام ولاية الفقيه، كانت المقاومة الإيرانية تعتقد أنَّ تصدير الأزمات كان له الأولوية. وكان القمع الداخلي دائمًا يُنفذ معتمدًا على الحروب والأزمات الخارجية.

نتيجة لسقوط الأسد، فقد النظام الإيراني "رجلَهُ اليمنى". يمكن استنتاج هذه الحقيقة من التكلفة التي تكبدها النظام في سوريا، لأن دمشق كانت مركز التحكم في القضايا الإقليمية لنظام إيران، بما في ذلك لبنان وفلسطين وسوريا وحتى بعض أجزاء من مصر والعراق ودول أخرى. كانت الشبكة الإرهابية للنظام، التي كانت ناشطة في جميع أنحاء العالم، تتخذ من لبنان، وخصوصًا حزب الله، قاعدة ثانية لها بعد إيران.

لهذا السبب، أنفق النظام الإيراني عشرات المليارات من الدولارات طوال الأربعين عامًا الماضية لاستمرار نظام الأسد الأب والابن. منذ السنوات الأولى، كان النظام يقدم لسوريا مليون برميل من النفط المجاني سنويًا، بالإضافة إلى خمسة ملايين طن مع تخفيضات خاصَّة. في السنوات الأخيرة، كان النظام الإيراني في سوريا يدفع عشرات الآلاف من الرواتب للموظفين. كما اشترى أبعادًا هائلة من العقارات والأراضي في مدن سورية، خاصة في دمشق وحلب واللاذقية. كانت مناطق مثل السيدة زينب تحت سيطرة النظام الإيراني وحزب الله تمامًا.

إقرأ أيضاً: الطلاب وجدوا موقعهم التاریخي في الثورة الإیرانیة الجدیدة‌

عندما قامت انتفاضة الشعب السوري ضد الأسد بين عامي 2011 و2016، كان خامنئي هو من تدخل بقوة. تولى الحرس الثوري بقيادة قاسم سليماني مهمة قمع الشعب السوري. في عام 2015، وعندما قُتل الجنرال حسين همداني في ضواحي حلب وكانت قوات الثورة السورية على وشك الانتصار، ذهب قاسم سليماني إلى الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بناءً على تعليمات خامنئي، وطلب منه التدخل العسكري لدعم الأسد. بعد ذلك، زار بوتين طهران والتقى مع خامنئي.

في ذلك اللقاء، تعهد خامنئي لبوتين بأنه إذا قامت روسيا بتنفيذ قصف جوي مكثف، فسيواصل هو القتال على الأرض حتى آخر جندي إيراني للحفاظ على حكم الأسد. في نفس الوقت، أمر خامنئي حسن نصر الله بالدخول إلى سوريا بكل قوته ومواصلة القتال ضد الشعب والثورة السورية من أجل الإبقاء على  الأسد في سدة الرئاسة.

تفاصيل الأحداث في تلك السنوات معروفة. أخيرًا، مع أعنف القصف وأشد عمليات القمع، تم سحق مئات الآلاف من السوريين الأبرياء، حيث بلغ النزاع في عام 2016 نقطة فارقة مع احتلال مدينة حلب على يد قوات ولاية الفقيه بقيادة سليماني.

إقرأ أيضاً: هل یأمر خامنئي‌ بمزید من الإعدامات؟

من خلال هذه الصورة المختصرة، يمكننا أن نرى مدى أهمية سوريا بالنسبة إلى خامنئي ونظام ولاية الفقيه. وبالتالي، يمكن القول بثقة إنَّ سقوط نظام الأسد كان ضربة استراتيجية كبيرة لخامنئي، وأدى إلى تراجع قوته بشكل حاسم.

لقد قال خامنئي مرارًا في هذه السنوات إنه إذا لم نكن نقاتل في دمشق وبيروت وبغداد، فنحن مجبرون على القتال في طهران وأصفهان ومشهد وكردستان. من أجل تجنب هذا القتال، بدأ مشروع تشرين الأول (أكتوبر) 2023. واليوم، الشعب الإيراني ومقاومته المنظمة هم من سيخوضون المعركة الرئيسية ضد خامنئي ونظامه، وبإذن الله، سيحررون الشعب الإيراني وكل شعوب المنطقة من هذا النظام المجرم النهاب.


عدد التعليقات 0
جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
لم يتم العثور على نتائج


شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

في كتَّاب إيلاف