مع اغتيال يحيى السنوار، تكون إسرائيل قد أغلقت العام الأول لذكرى طوفان الأقصى بتصفية قادة حماس وحزب الله، وها هي على بعد أيام من ضرب إيران.
غزة تحولت إلى أطلال تحاكي العصور البائدة، والجنوب اللبناني كما الضاحية الجنوبية لبيروت تحت رحمة آلة الدمار الوحشية الإسرائيلية.
وسط ركام الشعارات يحاول البعض زرع موقف "نصيحة الصمود". ولا أدري كيف وأين تُصرف النصائح في بازار الموت اليومي!
جل ما يحتاجه ضحايا تسونامي طوفان الأقصى هو حمايتهم من تسونامي "طوفان الوهم".
على ماذا راهن السنوار في طوفانه الذي جرف البشر قبل الحجر من غزة إلى بيروت؟
ولماذا انطلقت عملية السابع من تشرين الأول (أكتوبر) بعد عشرة أيام فقط من اللقاء التلفزيوني التاريخي لولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان، والذي وعد فيه شعوب المنطقة بمرحلة جديدة تواكب الآمال والطموحات بعيدًا عن شعارات النصر الزائفة؟
أراد محمد بن سلمان سلامًا يضمن حقوق الشعب الفلسطيني بقيام دولته. سلام يليق بحجم المملكة العربية السعودية ودورها العربي والإسلامي، فكانت شرارة الطوفان في السابع من تشرين الأول (أكتوبر) العام الماضي، التي رُسم لها أن تمتد في الشارع العربي والإسلامي بهدف إثارة البلبلة وفرملة مشروع الشرق الأوسط الجديد القائم على حفظ حقوق الشعوب، وفي مقدمتها الشعب الفلسطيني.
اليوم، مع رحيل السنوار، ومع كل ما قدمه من تضحيات خدمة لمشروع الحركة التي آمن بمبادئها واستشهد لأجلها، فإنَّ الحرب لا بدَّ أن تقرع أبواب التسوية.
ووفق العقلية الحاكمة في إسرائيل، ما عاد أمام القادم الجديد لقيادة حماس إلا خيارين: الموت أو الدخول علنًا إلى ميدان التسوية.
دخول لبنان والسلطة الفلسطينية في فلك التسوية مجرد تفصيل في ضوء التسويات الكبرى في المنطقة. ولا شك في أن حماس شُلت قبضتها على غزة، ولبنان ما بعد الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله ليس كما قبله، بيد أن التحركات العسكرية الإسرائيلية على الحدود السورية في الجولان تخفي هدفًا أكبر في ظل معلومات عن انتقال عملياتها العسكرية إلى الجانب الشمالي الشرقي من سوريا بهدف إحكام السيطرة على المعبر الإيراني نحو البحر الأبيض المتوسط، وبالتالي تفكيك مشروع الهلال الشيعي.
وليس من قبيل الصدفة أن تتزامن هذه التطورات الميدانية مع حراك أوروبي نشط لإحياء العلاقة مع دمشق من منطلق البحث عن نافذة لإعادة اللاجئين السوريين في أوروبا.
الأيام حبلى بالمتغيرات.. والمفاجآت.