: آخر تحديث

ثقافة التعامل مع الهزيمة والنصر

1
1
1

خالد بن حمد المالك

يتبادل القادة الإسرائيليون الكلام -من باب ذر الرماد في العيون- عن أنهم لم يحققوا في حرب غزة أهدافهم، وهي أهداف لا نهاية لها، ولا تقتصر على قطاع غزة أو حتى الضفة الغربية، حيث مارسوا في عدوانهم حرب إبادة مع سكانها، ومع كل حجر فيها، بعنف، وإرهاب، وتدمير، وقتل، بما لا مثيل له في حروب أخرى، وإنما امتد عدوانهم إلى لبنان وسوريا.

* *

فيما رئيس وزراء إسرائيل لا يكتفي بالقول إن الحرب بعد السابع من أكتوبر غيَّرت الوضع في الشرق الأوسط لصالح إسرائيل، وأن يد إسرائيل أصبحت قادرة على الوصول إلى أي مكان يشكِّل خطراً على إسرائيل، وأن طرق المرور أصبحت سهلة، ودون أي مقاومة، وأنه يريد أن يتفق في زيارته لأمريكا مع الرئيس الأمريكي على ما هو أكثر.

* *

تناقضات في أقوال قادة إسرائيل، الغرض منها إبراز قوتها حيناً، والظهور بأنها في خطر أحياناً أخرى، وهي حرب حيَّدت بالفعل قدرات حماس، إذ لم تعد غزة وحماس قبل 7 أكتوبر كما هي بعده، كما حيَّدت حزب الله، فلم يعد بذات القوة والتأثير اللذين كان عليهما قبل حرب السابع من أكتوبر.

* *

كلام نتنياهو صحيح، ولكنه مع كل هذا لا يزال ودولته في خطر، ما بقي يرفض إقامة الدولة الفلسطينية، كما لن يكون بمقدوره تهجير الفلسطينيين، حتى وإن دعمه في ذلك الرئيس الأمريكي، فهنا في غزة شعب لن يتنازل عن أرضه، مهما كلَّفه ذلك من تضحيات.

* *

إسرائيل دولة مخادعة، وكذَّابة، وتقلِّل من حجم انتصاراتها لأهداف بعيدة المدى، أهمها كسب تعاطف أمريكا والغرب، ولكي توهم بأكاذيبها داعميها بأنها في خطر، مدعية بأنها تحاصر من دول عربية، بما يهددها بالزوال، وهي سياسة فيها من الخبث والمراوغة والأكاذيب ما لا يُعد ولا يُحصى.

* *

أمام هذه السياسة الماكرة، نحن كعرب - الفلسطينيين تحديداً- نحتاج إلى مراجعة لثقافتنا عن مفهوم الهزيمة والنصر، حتى وإن كان الهدف منها رفع المعنويات، لكي لا نعطي الفرصة للعدو في استثمار آرائنا ومفهومنا للانتصار للتأكيد على صحة كلامه بأنه في خطر.

* *

منذ زمن وحتى هذه الحرب -حرب غزة- ما زالت أفكارنا وآراؤنا في حاجة إلى الشيء الكثير من المراجعة، حيث التناقضات حالياً بما لا يخدم القضية الفلسطينية، فالاجتهادات في الطرح من السياسيين والإعلاميين تحتاج إلى مراجعة، وصولاً إلى وضع إطار صحيح لها.

* *

مشهد الظهور العسكري للفصائل الفلسطينية خلال تسليم الرهائن لإسرائيل كان المقصود منه إظهارها بأنها ما زالت تحتفظ بقوتها، مع أن هذا الاستعراض سوف تستخدمه إسرائيل مبرراً للعودة إلى الحرب، حتى وإن كان ما بقي في أيدي الفصائل من السلاح غير كاف لمواجهة جيش تزوِّده أمريكا والغرب بأحدث أنواع الأسلحة المدمرة.

* *

وإذا استلمت إسرائيل الرهائن، من يضمن عدم عودتها إلى القتال، من يمنعها من قتل المدنيين كما فعلت في الـ15 شهراً الماضية، وهنا هل سيكون لدى الفصائل من السلاح ما يكفي لمواصلة مواجهة القوة الإسرائيلية بالقوة الفلسطينية كما فعلت في بداية القتال؟

* *

كلنا بمشاعرنا وعواطفنا ودعمنا مع القضية الفلسطينية في مقاومة العدوان والجرائم التي ترتكبها إسرائيل في قطاع غزة والضفة الغربية، ولكن المشاعر شيء، والتعامل مع آلة الحرب لدى الجيش المجرم شيء آخر، مع التأكيد على أن أهم سلاح بيد الشعب الفلسطيني إنما هو في ثباته في أرضه والتمسك بها، ورفضه أي تهجير، سواء بالإغراء أو بالتهديد والإكراه، والشعب الفلسطيني -كما هو مبدؤه وعقيدته- لن يتخلى عن أرضه، ولن يفرط في حقوقه، وسوف يقاوم حتى قيام دولته المستقلة.


عدد التعليقات 0
جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
لم يتم العثور على نتائج


شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

في جريدة الجرائد