عائلة الطيّار الأردني معاذ الكساسبة الذي أحرقه «داعش» في طقسٍ همجي، داخل القفص، وأمام الأنظار في يناير (كانون الثاني) 2015 وصلت لمعرفة أحد أفراد العصابة الداعشية، في دولة السويد، حيث يخضع هذا الداعشي للمحاكمة هناك.
وزير الداخلية السوري، العتيد، في نظام آل الأسد، محمد الشعّار، سلّم نفسه للحكم الجديد، وهو رجلٌ يحمل خزنة من الأسرار، بل كان أحد الناجين من تفجير الخليّة الأمنية الشهيرة، التي استهدفت صفوة القيادات الأمنية والعسكرية للنظام السابق، من ضمن القتلى كان آصف شوكت صهر آل الأسد.
جاء ذلك بعد أيامٍ من اعتقال رئيس الأمن السياسي عاطف نجيب ابن خالة بشار الأسد الذي يُقال إنه تسبّب في اشتعال شرارة الاحتجاجات في درعا بالجنوب السوري.
أيضاً قبل أيام أصدر قاضي التحقيق الأول في بيروت قراراً ظنيّاً بخصوص اغتيال الصحافي اللبناني لقمان سليم، أعلن فيه التوصل إلى «عدم توفّر أدلة عن هوية مرتكبي الجريمة لتوقيفهم وسوقهم للعدالة». واكتفى القاضي باتهام «مجهولين» بالوقوف وراء خطف وتصفية لقمان سليم، الذي خُطف وقُتل ويُقال عُذّب قبل ذلك، في بلدة العدوسية، في فبراير (شباط) 2021.
ومؤخراً أيضاً، أعلن الرئيس الأميركي، الجديد، دونالد ترمب، كما وعد في حملته الانتخابية، رفع السرية عن الوثائق الحكومية المتعلقة باغتيال الرئيس الشهير، جون كينيدي، الذي صُرع أمام العالم في نوفمبر (تشرين الثاني) 1963 وروبرت كينيدي، والقسّ وداعية الحقوق المدنية مارتن لوثر كينغ، الذي قُتل في أبريل (نيسان) 1968.
هذه الأخبار التي سُقتها لكَ في ضميمة واحدة، يربط بينها حبلٌ وثيق، هو حبل نشر الغسيل، المركوم بعيداً في الغرف المظلمة الرطبة، وفي داخل أكوام هذه الملابس المزبورة في خزائن النسيان، تختبئ عشرات، إن لم تكن مئات الأسئلة، وما لم تُنشر للعلن، فإن هواجس الشك وأثقال الريبة، تفرد ظلال القتامة الكثيفة على كواهل وعيون وقلوب الناس.
من قتل كينيدي، وكيف، ولماذا؟ ما سبب إخفاء ملفّات القضيّة، بعد مرور 60 عاماً؟ من قتل القس، وداعية الحقوق المدنية، كينغ؟ ومثله مالكوم إكس؟ وهل تحّولت هذه القضايا إلى مادّة لتغذية نظريات المؤامرة؟ هل ترمب يداعب جمهور هذه النظريات؟ أو هناك حقّاً ثمّة أسرارٌ مخفيّة عن العموم؟ وهل يحقُّ لأجهزة الدولة - أي دولة - في العالم، طيّ بعض المعلومات عن التداول العامّ؟ ولماذا؟
هل الروايات المُعلنة لحرق معاذ الكساسبة، واغتيال لقمان سليم، وتفجير الخليّة الأمنية السورية الأسدية العُليا، روايات صحيحة؟ وإذا كانت صحيحة، فهل هي كافية، ومُعبّرة عن «كل» الرواية؟
لو جارَينا هذه الأسئلة، وتلكم الهواجس، فلربّما كان من الجائز لنا تخيّل تاريخٍ بديلٍ أو موازٍ، للتاريخ المعلوم الذي قِيل لنا، وبكلّ حال، ليس كلم ما يُعلم يُقال، كما قال الرجالُ من قبل.
ثمّة بيت شعرٍ باللهجة العامية النجدية، لشاعرٍ فطري هو، عبد الله بن مشخص الشيباني، يقول:
ولو كلّ شفناه بالعين قلناه
يمدي لحمنا في بطون الذيابه!