سلطان ابراهيم الخلف
عاد ترامب للمرّة الثانية إلى البيت الأبيض بعد نجاحه في الانتخابات الرئاسية على منافسته الديموقراطية الضعيفة كامالا هاريس، حيث بدأ ينفّذ سياسته ذاتها التي اتبعها في رئاسته الأولى تحت شعار «أميركا أولاً»، والتي كانت سبباً في شعبيته وفي نجاحه في الانتخابات.
وقد أعاد تنفيذ مجموعة من القرارات التي تم إيقافها في عهد سلفه بايدن، التي تتعلّق بمجموعة من القيود على الهجرة، وحق الحصول على المواطنة الأميركية، والسماح بالتنقيب عن النفط، والعفو عن مقتحمي مبنى الكونغرس، وغيرها من الأوامر الرئاسية التنفيذية الداخلية، بل زاد عليها خارجية، كفرض رسوم على البضائع الكندية والصينية والمكسيكية، وصرّح برغبته في ضم غرينلاند إلى الولايات المتحدة، وتغيير مسمى «خليج المكسيك» إلى «خليج أميركا» مع نظرته التشاؤمية تجاه الاتحاد الأوروبي. وقد صرّح قبل تسلمه الرئاسة بأنه لا يريد حروباً في عهد رئاسته، ولعل ذلك يرجع إلى كونه رجل أعمال يفكر بدعم اقتصاد بلاده خارج إطار شن الحروب الخارجية التي يذهب ريعها إلى جيوب المتنفذين في الدولة العميقة، خصوصاً من المؤسسة الصناعية العسكرية.
وقد انتقد سلفه الرئيس بايدن، وصرّح بأنه لو كان في محلّه لما سمح باندلاع حرب بين أوكرانيا وروسيا والحرب في غزة.
يقارب ترامب في موقفه المعارض من تصرفات الدولة العميقة الرئيس السابق جون كينيدي، الذي تم اغتياله في الستينات من القرن الماضي في ظروف غامضة، أثارت الكثير من التساؤلات حول تورّط الدولة العميقة، التي لم تحسم الإجابة عنها بعد، الأمر الذي دفع ترامب، إلى إصدار أمر تنفيذي برفع السريّة عن ملف اغتيال الرئيس كينيدي، وهو من الرؤساء المرموقين الذين يحظون بتقدير وبشعبية كبيرة لدى الأميركيين، حتى لوثر كينغ، داعية الحقوق المدنية من الأصول الأفريقية، استرعى انتباه ترامب، وأمر برفع السريّة عن ملفه.
وقد عبّر الرئيس ترامب، عن موقفه من الدولة العميقة بشكل واضح، عندما قرّر رفع الحماية عن مستشاره للأمن القومي السابق بولتون، الذي يعتبره ترامب من مشجعي شن الحروب التي لم تكن الولايات المتحدة في حاجة إليها، في العراق وفي أفغانستان وأنه تسبب في قتل الملايين من المدنيين، وتبديد أموال الشعب الأميركي، كما يشمل رفع الحماية عن 51 مسؤولاً استخباراتياً سابقاً، وهو ما يعتبر اقتحاماً مباشراً خطيراً غير مسبوق لعش الدبابير.
زار الإرهابي البولندي نتنياهو، الرئيس ترامب في البيت الأبيض بعد دعوة من الرئيس الذي لم يقم بزيارة نتنياهو، كما فعل سلفه الرئيس بايدن، كرسالة يمكن فهمها على أنه لا يبدو ضعيفاً مثل سلفه، الذي استسلم لنتنياهو ولم يستطع التأثير عليه وإيقاف الحرب.
لم يتغير موقف ترامب من النظام الإيراني، وسيبقى على انسحاب بلاده من الاتفاقية النووية معه، وفي مواصلة فرض العقوبات عليه، ومراقبة تحركاته في المنطقة، وهو ما كانت تتمناه الناشطة السياسية فائزة رفسنجاني، حيث تمنّت نجاح ترامب في الانتخابات والذي سيحدّ من مغامرات نظام بلادها في المنطقة، وتدخلاته الطائشة التي لا تخدم شعوب المنطقة والشعب الإيراني على حد سواء.