: آخر تحديث

صراع السلطة في إيران: تحولات جديدة في موازين القوى والصراعات الداخلية

1
1
1

يبدو أن كرة الثلج الإيرانية تزداد تدحرجًا، وتكبر أكثر من ذي قبل سرعة وتسارعًا، فلا يحدها حد يبقيها ضمن دائرة الأمان المرحلي على الأقل، ولا يستوقفها عاقل رشيد قادر على معالجة ما استفحل من أخطاء باتت تهدد النظام بمختلف تياراته وأطيافه السلطوية.

إنَّ القضايا المختلف عليها ضمن الحوامل السياسية العامة آخذة بالاتساع والتمدد، إذ أصبحت تشكل هاجسًا مقلقًا للقوى السياسية الإيرانية مثل (كيفية التعامل مع الاحتجاجات، دور رجال الدين، مستقبل المفاوضات مع الغرب…). إنَّ هذه النقاط، بسخونتها المتواترة يومًا بعد يوم، باتت طافية على السطح في المشهد السياسي الإيراني، فهناك اتفاقات، منها الخفي ومنها المعلوم، بين بعض الأصوليين والمتشددين لأجل الحفاظ على المشترك بينهما (إن وجد)، مما يرسخ مفهوم الاستقطاب أحادي النظرة داخل النظام، ويزيده انقسامًا. فمثلًا، الآراء المصرح بها في بعض الأماكن الدينية، كخطيب الجمعة في مشهد، الذي صنف الشعب الإيراني إلى موالين وغير موالين، مع تأكيده على ضرورة التعامل بلغة الردع مع المنتقدين، وهذا حتمًا سيؤدي إلى تصاعد حدة التوتر والغليان الشعبي، وتعزيز سياسة القمع والاستبداد. وقد أفادت بعض الصحف الإيرانية بوجود حملة تشويه منظمة ضد عدد من الشخصيات المقربة من الحكومة والإصلاحيين، وذلك عبر التشهير الممنهج في وسائل الإعلام الرسمية، ومواقع التواصل الاجتماعي، ما يفضي إلى تضييق الحريات السياسية غير القابلة للتضييق أصلًا. هذا إن دل على شيء، فهو يدل على زيادة التوتر والاحتقان بين الساسة، وعدم الانسجام بين أصحاب المواقع المتقدمة في القيادة الإيرانية.

إقرأ أيضاً: ملالي إيران ومستقبل سوريا

إنَّ العديد من رجال الدين التقليديين يعارضون سياسات التشدد القمعي التي ينتهجها النظام، فتتعمق الانشقاقات ضمن المؤسسة الدينية التي لم تستطع تسيير دفة القرارات الهامة المؤثرة كما تحب وتشتهي، ما يولد التضارب في الآراء، وتصدر الحساسيات واجهة أية خطوة مزمع اتخاذها إزاء أمور كثيرة على درجة من الأهمية، قد يكون لها شأن فاعل في تصويب ما وقع من أخطاء، والحد من ارتداداتها السلبية اللاحقة. ففي صلب النظام الإيراني، تبذل جهود متواصلة لإفشال أي تقارب دبلوماسي بين إيران والغرب، حيث إن بعض القوى المتشددة تتماهى مع أطراف خارجية مثل إسرائيل، والمتشددين الأميركيين لإحباط أي مسعى للحوار. وقد أشارت بعض الصحف الإيرانية، وبوضوح، إلى تصاعد وتيرة الصراعات داخل النظام، حيث تسعى مختلف الفصائل إلى تحطيم بعضها باستخدام أدوات مثل الحملات الإعلامية، والتشهير السياسي، بل حتى استغلال الاحتجاجات كورقة ضغط سياسية. ولا يقتصر ذلك على المشهد السياسي، بل يتعداه إلى القضاء ورجال الدين، ما ينعكس سلبًا على السياسات الخارجية التي لم تعد تحتمل مثل هذا التناقض في المواقف والتوجهات، سواء كانت معلنة أو خفية، لأن النتيجة من حيث التأثير واحدة. فمن خلال هذا التردي والتعارض في الآراء والمواقف، تشكلت حالة من الإحباط والتيئيس بشأن مآلات المفاوضات النووية المتسمة بعدم وضوح رؤية حكومية واحدة، مع عدم إحراز أي تقدم ملموس في المحادثات، ما ينعكس سلبًا على نظام الملالي، وانكماش ما يود تقديمه من مشاريع مزعومة على امتداد الرقعة الجغرافية الإيرانية، التي بدأت تضيق رحابتها الواسعة على الخمينيين، وتحشرهم في خانة التعري السياسي المفضوح الآيل إلى إسقاط نظام التجويع والإفقار، وذلك بفضل صلابة وعزيمة الشعب الإيراني المنتفض على سدنة الشر والطغيان الذين فقدوا التبصر والبصيرة طيلة مدة حكمهم وتحكمهم برقاب الشعب الإيراني، الذي يأبى اليوم أن يعيد سيفه إلى غمده بعد إشهاره متحديًا تكالب قوى الظلام والشر والعدوان عليه.

إقرأ أيضاً: الثورة السورية وخطر ملالي طهران

يبدو أن أيام نظام الملالي على سدة الحكم في إيران باتت معدودة، ولا خيار أمام العالم اليوم، خاصة بالتزامن مع ذكرى إسقاط دكتاتورية الشاهنشاهية، سوى الاعتراف بالمجلس الوطني للمقاومة الإيرانية كممثل شرعي للشعب الإيراني، وببرنامج المواد العشر كضمان لمستقبل إيران بكافة مكوناتها، وكذلك الاعتراف بحق الشعب الإيراني في مواجهة نظام الملالي القمعي من أجل التغيير وإقامة إيران ديمقراطية وغير نووية..؛ سقط صرح الطغيان في سوريا وسيسقط عما قريب في إيران.


عدد التعليقات 0
جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
لم يتم العثور على نتائج


شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

في كتَّاب إيلاف