: آخر تحديث

إيران اليوم: قوة نووية في مواجهة انهيار داخلي

2
2
2

لطالما سعى النظام الإيراني من خلال استعراضاته العسكرية والعلمية في مختلف المجالات إلى تقديم صورة عن دولة قوية ومتقدمة في الساحة الدولية. وكان آخر هذه المحاولات هو الكشف عن الطائرة المسيرة الثقيلة "غزة" التي تم الإعلان عنها بعد الهزائم والضغوط التي تعرض لها النظام في المنطقة. هذه الاستعراضات تأتي في وقت حساس بالنسبة للنظام الذي يعاني من العديد من الأزمات الداخلية والخارجية.

استعراض القوة عبر الطائرة المسيرة "غزة": خداع جديد للنظام الإيراني
وفقًا للخبر الذي نشرته وكالة "دفاع مقدس" الإيرانية في 12 كانون الثاني (يناير) 2025، فإنَّ الطائرة المسيرة "غزة" تُعتبر واحدة من أبرز إنجازات النظام الإيراني في مجال الطائرات المسيرة الثقيلة. تصل قدرتها على التحليق إلى 7000 كيلومتر، ويمكنها حمل ما يصل إلى 13 قنبلة، كما تتمتع بسرعة طيران تصل إلى 350 كم/س، وبإمكانها البقاء في الجو لمدة 35 ساعة متواصلة.

لكن اختيار اسم "غزة" لهذه الطائرة ليس سوى جزء من سلسلة طويلة من الخداع السياسي الذي يمارسه النظام الإيراني. كما رفع النظام سابقًا شعار "القدس عبر كربلاء" لخداع الشعوب الإسلامية وادعاء دعمه لفلسطين، اليوم يسير على النهج نفسه، في حين أن أفعاله تثبت العكس تمامًا. فالنظام الذي يدعي الدفاع عن فلسطين هو نفسه الذي تسبب في قتل الآلاف من الأبرياء في سوريا والعراق ولبنان واليمن، حيث أوغل في دماء شعوب المنطقة عبر ميليشياته وأذرعه الإرهابية.

هذه الطائرة المسيرة ليست أداة للدفاع عن فلسطين، بل وسيلة أخرى لنشر الفوضى وتأجيج الصراعات في المنطقة، وإيران تستخدمها لتعزيز نفوذها العسكري وإرهاب الشعوب المجاورة، لا لمواجهة إسرائيل كما تدعي. إن إطلاق اسم "غزة" على هذه الطائرة ليس إلا محاولة مكشوفة لخداع الرأي العام، بينما الحقيقة الواضحة هي أن أكثر المتضررين من سياسات طهران التوسعية هم شعوب المنطقة، بما في ذلك الشعب الفلسطيني نفسه.

إنَّ هذه الاستعراضات العسكرية تأتي في وقت يواجه فيه النظام الإيراني أزمات داخلية خانقة، سواء على الصعيد الاقتصادي أو الاجتماعي، ويحاول صرف الأنظار عن هذه الأزمات عبر هذه الدعايات الفارغة. لكن الشعوب التي اكتوت بنار تدخلاته لم تعد تنطلي عليها هذه المسرحيات، وهي تدرك جيدًا أن هذا النظام لا يمثل سوى مصدر للدمار وعدم الاستقرار في المنطقة.

الفضائح النووية وتهديدات النظام الإيراني
في سياق محاولاته لإبراز القوة، كشف المجلس الوطني للمقاومة الإيرانية مؤخرًا عن برنامج سري للنظام الإيراني يهدف إلى تطوير رؤوس نووية لصواريخ باليستية ذات مدى يصل إلى أكثر من 3000 كيلومتر. وكشف المجلس في مؤتمر صحفي في واشنطن بتاريخ 31 كانون الثاني (يناير) 2025 عن معلومات تشير إلى أنَّ هذه الأنشطة السرية لا تتم فقط في منشآت فضائية كما يدعي النظام، بل في واقع الأمر تتم في مواقع شاهرود وسمنان، التي تمثل مراكز رئيسية لتطوير الأسلحة النووية الإيرانية.

وقد أشار التقرير إلى أن النظام الإيراني، من خلال منظمة الأبحاث الدفاعية (سبند)، قد سرع من وتيرة تطويره للرؤوس النووية في الأشهر الأخيرة. وفقًا للتقارير، فإن النظام يسعى لتطوير صواريخ "قائم-100" الباليستية، وهي صواريخ مزودة برؤوس نووية موجهة إلى أهداف بعيدة.

وقد أكدت سونا صمصامي، ممثلة المجلس الوطني للمقاومة الإيرانية في الولايات المتحدة، في المؤتمر الصحفي أن "النظام الإيراني لم يكن أضعف مما هو عليه اليوم"، وأنه يسعى من خلال برنامجه النووي إلى تغيير موازين القوى الإقليمية والدولية لصالحه. وقد أضافت أن النظام قد استخدم المفاوضات مع الغرب كأداة لكسب الوقت بينما يواصل تطوير برنامجه النووي بشكل سري.

من الأزمة الاقتصادية إلى الانتفاضة الشعبية
ورغم المحاولات المستمرة للنظام الإيراني لاستعراض قوته العسكرية، فإن الأوضاع الداخلية في إيران لا تعكس نفس القوة التي يحاول النظام الترويج لها. فقد كشف العديد من التقارير عن تدهور حاد في الأوضاع الاقتصادية، حيث يعاني المواطنون الإيرانيون من ارتفاع كبير في معدلات البطالة، وتضخم مفرط، ونقص في السلع الأساسية. هذه الأزمات الاقتصادية دفعت إلى تزايد الاحتجاجات الشعبية والمظاهرات في مختلف أنحاء البلاد.

ومع تفاقم الأزمات الاقتصادية، لم يعد بإمكان النظام الإيراني أن يخفي الفشل الداخلي. فقد أكد العديد من المحللين والمراقبين أن النظام الإيراني يواجه أزمات متعددة تهدد استمراره، أبرزها الأزمة الاقتصادية التي أدت إلى تدهور الوضع المعيشي للسكان. كما أن الارتفاع الكبير في الأسعار ونقص فرص العمل يساهمان في زيادة الغضب الشعبي، ما يجعل المجتمع الإيراني في حالة استعداد تام لانفجار ثورة أو انتفاضة شعبية قد تطيح بالنظام.

في هذا السياق، تكشف المعلومات عن حالة من الاحتقان الداخلي الذي بات يهدد استقرار النظام. النظام الإيراني في الوقت الذي كان يتفاخر بقوته العسكرية والنووية، بات يعاني من ضغوط داخلية هائلة تهدد بقاءه. الشعب الإيراني الذي لطالما تحمل الضغوط والعقوبات الاقتصادية، أصبح اليوم في حالة من الغليان الاجتماعي، مما يشير إلى أن النظام قد يكون قريبًا من مواجهة انتفاضة حقيقية قد تؤدي إلى تغييرات جذرية في الهيكل السياسي للبلاد.

صراع داخلي وعجز في مواجهة التحديات
في ظل ما تكشف من معلومات عن البرنامج النووي السري والأنشطة العسكرية للنظام الإيراني، وفي ضوء الأزمات الاقتصادية المتفاقمة، يتضح أن النظام الإيراني يعاني من أزمة حقيقية على جميع الأصعدة. من جهة، يحاول النظام من خلال استعراضاته العسكرية أن يظهر كداعم للقوة الإقليمية، ومن جهة أخرى، يعجز عن مواجهة التحديات الداخلية التي تؤثر بشكل مباشر على استقرار المجتمع الإيراني.

ومع أن النظام يحاول أن يركز على تعزيز قدراته العسكرية والنووية كأداة للضغط السياسي في المنطقة، إلا أن هذه الاستراتيجيات لم تعد كافية لإخفاء حقيقة الأزمة الداخلية. فكلما استمر النظام في تنفيذ سياسات قمعية وصارمة، ازدادت النقمة الشعبية، ما يشير إلى أن إيران قد تكون على وشك مواجهة ثورة جديدة قد تؤدي إلى زوال هذا النظام.

في النهاية، قد تكون هذه الحركات الاستعراضية العسكرية والنشاطات النووية هي آخر أوراق النظام الإيراني لمحاولة بسط نفوذه على المستوى الإقليمي، لكن الواقع الداخلي يفرض تحديات أكبر. فالإرهاق الاقتصادي والاجتماعي في إيران يجعل من غير الممكن استمرار النظام في سياسته القديمة، حيث بات المجتمع الإيراني على حافة الانفجار، ما يجعل الوضع في البلاد غير قابل للاستمرار على المدى الطويل.


عدد التعليقات 0
جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
لم يتم العثور على نتائج


شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

في كتَّاب إيلاف