: آخر تحديث

الدوحة تقوّض علاقاتها مع موسكو بسبب كييف

1
1
1

بينما كانت روسيا نهاية العام الفائت، تعرب عن امتنانها لدولة قطر على اهتمامها باستضافة محادثات السلام لإنهاء النزاع في أوكرانيا، كانت المعلومات تتكشف عن مباحثات تجري في كييف بين برلين والدوحة من أجل تزويد الحرس الوطني الأوكراني بذخيرة عسكرية مصنفة "ذات مدى حرج"، وذلك من أجل مساعدة أوكرانيا في المواجهات المندلعة ضد روسيا.

في حينه، أشاد المتحدث باسم الكرملين ديمتري بيسكوف، في مقابلة مع صحيفة "إزفيستيا" الروسية، بدور قطر في الوساطة وتعزيز العلاقات الثنائية بين البلدين. لكنّه اعتبر أنّ الظروف الراهنة "لا تزال غير مواتية للمفاوضات". إذ لم يُفهم لماذا أقفلت روسيا باب المفاوضات أمام القطريين.

لكن لاحقاً، ظهر السبب... إذ كشفت الصحافة الأوكرانية أخباراً عن لقاءات سرّية عُقدت بين 9 و13 كانون الأول (ديسمبـر) من العام الماضي، وذلك في مبنى شركة "روشين" للحلويات التابعة لرئيس أوكرانيا السابق بتـرو بوروشينكو، الذي يبدو أنّه يستخدمها لأعمال تجارية كغطاء لتعزيز مصالح كييف العسكرية.

التقارير الأوكرانية، ومنها تقرير نشرته صحيفة "كييف بوست"، ذكر أنّ الاجتماعات في كييف ضمّت في ذلك الحين، كلّ من:

- نائب مدير مؤسسة SVF Progress من الجانب الأوكراني.

- مدير الشركة القطرية المسماة B. Secure Qstr-LL

- مواطنان تركيان هما: شرف الدين بوراك تور أوغلو، ومحمد جاغري أكسيسمي.

لم يقتصر الأمر على الصحافة في أوكرانيا، حيث تحدثت لاحقاً الصحافة الألمانية عن تفاصيل اللقاءات ضمن مقالات مطوّلة. وذكرت أنّ الجانب القطري وافق ضمن عقود تسليح مع ألمانيا، على نقل من 12 إلى 24 منصة مدفعية ذاتية الدفع من طراز PzH 2000 إلى أوكرانيا.

بعد انتشار الأخبار بشكل واسع النطاق نفت الدوحة تلك الاخبار. ونقلت صحيفة "نيزافيسيمايا غازيتا" الروسية عن مصدر دبلوماسي قطري قوله إنّ الدوحة لا تقوم بتزويد أيّ من أطراف القتال في أوكرانيا بالسلاح. المصدر نفسه أكد كذلك أنّ بلاده تركز حصراً على حلّ الصراع الأوكراني - الروسي سلمياً... وهو ما يعيدنا مجدداً إلى الكلام عن المفاوضات المزعومة التي دعت إليها الدوحة.

المخطط القطري الذي يتضمّن مساعدة أوكرانيا، يتعارض مع التصريحات الرسمية الصادرة عن الدوحة، والتي تفيد بأنّ قطر تؤيّد الحلّ السلمي للصراع. إذ في حينه، سُرّبت معلومات تفيد بأنّ ثمة اتصالات سرية تجري بين روسيا وأوكرانيا بوساطة قطر وتركيا. لكن موسكو ردت على تلك المعلومات بوصفها "مجرد شائعات" تهدف إلى إعداد مؤتمر في سويسرا، وقال إن ذلك "أمراً غير مقبول".

وقال لافروف في إحدى المقابلات الصحافية في الفترة نفسها: "هناك شائعات ظهرت حول بعض الاتصالات السرّية لإعداد مفاوضات بشأن منشآت الطاقة في روسيا وأوكرانيا بوساطة قطر، كما كانت هناك شائعات عن أنّ جيراننا الأتراك يخططون لمحاولة التوسط بطريقة ما في مجال الأمن الغذائي، وهذا في سياق ضمان حرية الملاحة في البحر الأسود".

إقرأ أيضاً: الوصاية التركية "المتعجرفة" تغضب شركاءها في آسيا الوسطى

كبير الباحثين في المركز الروسي لتحليل التكنولوجيات والاستراتيجيات يوري ليامين، قال للصحيفة نفسها إنّ مخطط صفقة الأسلحة بين الدوحة وبرلين "واضح للغاية". معتبراً أن "ألمانيا نفسها أو الشركة المصنعة الألمانية تقوم بإعادة شراء العتاد العسكري مباشرة (من قطر)، ومقابل ذلك تحصل الدوحة على الأفضلية من الجانب الألماني، من أجل شراء أسلحة أحدث مع وعود بتسريع عمليات تسليم هذه الأسلحة، وما يتبع ذلك".

ليامين كشف كذلك أنّه في النظر إلى علاقات قطر الطويلة مع المجمع الصناعي العسكري الألماني، فإنّ لدى برلين ما يثير اهتمام القطريين، إذ بهذه الطريقة تنقل ألمانيا إلى كييف العتاد الذي تم شراؤه بهذه الطريقة من قطر، باسمها ومن أراضيـها إلى أوكرانيا. وبهذه الطريقة أيضاً تساعد الدوحة كييف بطريقة غير مباشرة في حربها ضد روسيا.

ولفت ليامين إلى أنّ العمل يتم وفق مخطط مماثل وغير مباشر، حصل العام الماضي. وكان يتضمّن نقل أسلحة، وذلك عندما اشترت ألمانيا من قطر 15 مدفعاً مضادًا للطائرات من طراز غيبارد ذاتية الدفع (ZSU)، ثم نقلتها بالطريقة نفسها إلى أوكرانيا، كجزء من حزمة المساعدات الوطنية لمساعدة كييف عسكرياً.

إقرأ أيضاً: أميركا تستهدف أمن الطاقة الأوروبي

أما موسكو، فتعتبر أنّ تصرفات الدوحة، هي بمنزلة "نكسة" للعلاقات الروسية - القطرية القائمة، خصوصاً أنّ أنشطة أوكرانيا موجهة ضد روسيا، بينما المساعدة العسكرية القطرية ولو كانت غير مباشرة، إنّما تشكل "مساهمة سلبية" في هذه الإطار. كما تذكّر موسكو في السياق نفسه بأنّها مع الدوحة تقدّمان مساهمة كبيرة مشتركة في تسوية الصراع العربي الإسرائيلي. كما تسعى موسكو، بوصفها الحليف التاريخي للعالم العربي، إلى إحلال السلام في منطقة الشرق الأوسط.


عدد التعليقات 0
جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
لم يتم العثور على نتائج


شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

في كتَّاب إيلاف