أسامة يماني
التباين والتنوع هبة الحياة. فالطبيعة تزخر بالألوان والتنوع والتباين الذي يضيف لها جمالاً وبهاءً وغناء بمكوناتها من ماء وهواء وتربة وصخر وجبال وسهول وغابات وصحراء وبحار وسحب وأمطار. وما يميز وطننا الحبيب ذلك النسيج الاجتماعي الغني بالألوان والتنوع الثقافي والموروث الحضاري. إن التمازج والاختلاط هو جزء أساسي من النسيج الاجتماعي وتشابكه وتداخله وجمال المكون وترابطه وتفاعله ومرونته.
إن الترابط بين الأفراد والمجتمعات والتفاعل الإيجابي الحضاري يجعل النسيج الاجتماعي قوياً ومرناً، أما الخلافات أو الصراعات بين الأفراد أو استعباد مكون من مكوناته فلا شك في أن ذلك يؤثر على هذا النسيج الاجتماعي ويجعله ضعيفًا غير مرن. فمشاركة الأفراد يعزز الشعور بالسعادة ويؤدي إلى زيادة روح التعاون، وينعكس على المجتمع ليكون أكثر إيجابية وحيوية قويًا متماسكًا ويجعل البيئة ممتعة للعيش والحياة.
القرارات الانفعالية أو الإقصائية والتهميش وما في حكمه مردودها ذو أثر سلبي كبير وخطير سواء على المدى القصير أو البعيد للمجتمع. الذوق الخاص لا يصلح أن يكون مقياسًا للجمال وفرضه يضر التنوع، لهذا يتطلب الأمر أن تكون هناك مراكز بحوث وهيئات توظف فيها كفاءات علمية تساعد في وضع الإستراتيجيات والسياسات التنموية والاجتماعية والثقافية وما إلى ذلك لكي نحافظ على النسيج الاجتماعي وترابطه وتعاون أفراده وتكافلهم وحيوية المجتمع.
إن التشابه أو تلاقح الحضارات ليس سببًا لاستبعاد مكون من مكونات النسيج الاجتماعي. ومن المهم أن يكون هناك انسجام في القرارات وعدم تناقض ونظرة شمولية، لأن عدم مراعاة ذلك له أثر سلبي، فالاجتهاد الخاطئ أو القناعات الشخصية البعيدة عن الموضوعية حتماً سيترتّب عليها قرارات غير سليمة.
لقد حرصت الرؤية على الأخذ بعين الاعتبار بأهمية التنوع، فقد جاء في برنامج جودة الحياة الذي أطلقته الدولة عام ٢٠١٨م الذي «يُعنى بتحسين جودة حياة الفرد والأسرة من خلال تهيئة البيئة اللازمة لدعم واستحداث خيارات جديدة تُعزّز مشاركة المواطن والمقيم والزائر في الأنشطة الثقافية والترفيهية والرياضية والسياحية والأنماط الأخرى الملاءمة التي تساهم في تعزيز جودة الحياة، وتوليد الوظائف، وتنويع النشاط الاقتصادي، وتعزيز مكانة المدن السعودية في ترتيب أفضل المدن العالمية».
جودة الحياة التي حرم أهل الغفوة الوطن منها سنوات طوال وسعيهم إلى تفشي سلوك القطيع يجعل المسؤول أكثر حرصًا على اليقظة ومنع كل قرار أو توجه إقصائي أو التمييز بين المدن والقرى والمناطق. فشعب المملكة شعب عظيم يستحق الأفضل، وقيادتنا تسعى دائمًا لتحقيق كل رفاهية وازدهار لجميع أرجاء وربوع المملكة.
إن الإقصاء والتهميش وغيرها من آفات تستوجب الحذر منها؛ لأن تقبّل التنوع والتباين قوة تجعل النسيج الاجتماعي أكثر تماسكًا ومرونة، وسببًا رئيسيًا في نشر ثقافة التقدير والاحترام بين أفراد المجتمع والازدهار والتنمية وجودة الحياة.