: آخر تحديث

لا أسف لما يحدث

1
1
1

عبده خال

الواقع المعاش يقبض على لحظات مدهشة لكي ينبه الناس إلى أي مدى وصلوا في إنسانيتهم.

ولأن الناس يقفون على جرف هاوية من الحروب، والعداء، والتنابذ. التنابذ في كل شيء: قوة، وعرقا، ودينا، ومذهبا، ولم يكن يوما ما خال من ذلك التنابذ، وفي نفس الوقت يوميا هناك فعل، أو قول يجذب الناس إلى جمال التسامح وصفاء الإنسان بشرطية التخلص من مضغة فاسدة، تؤكد أن الإنسان خلقه الله من نفس واحدة أي أنه -في الأصل- محبوبا من الله، ليكون ذلك الإنسان محبا لخلق الله..

وأكثر من يجسد الحب الصافي هم الأطفال، إذ يكون خاليا من التلوث الذي يغمره أثناء مسيرته في الحياة، فالطفل بريئا كونه لم يدخل بعد إلى دائرية الكره.

فهل يصدق هذا القول على طفولة أبناء العصر الحديث؟

لن أتمسك بقولي السابق، إذ إن لكل زمن صياغته لأفراده، وتأسيسا قيما تتناسب مع ظرفية المتغيرات التي ينشأ عليها طفل الغد.. ومع ذلك أشعر بفداحة الخطر حين يتحول الطفل إلى سلعة ترويجية من خلال مواقع التواصل، فهناك العديد من الأطفال تم تسخيرهم لجذب المتابعين من خلال مقاطع فديو تقترب كثيرا من تشويه براءة الطفولة، تلك المقاطع التي ترسخ في نفسية الطفل على عدة قيم سلبية، وتسهم في هشاشة المحتوى لديه.

ومرة أخرى أؤكد أن لكل زمن قيمه الأخلاقية التي تتولد وفق المعطيات الثقافية، فهل أكون خارج الزمن عندما اتهم المعطيات بـ(التفاهة)؟

يكون ذلك مستساغا حين يصبح الاستهلاك هو المستهدف، وغالبا حين يكون المستهدف غير مكترث بالمحتوى فلن تكون هناك أخلاقيات حاكمة لما يقدم.

يظل أسفنا على ما يحدث هو تكرار لأسف الأجيال الماضية للأجيال اللاحقة، وهو أمر مكرر، وقد وجدت مخطوطة في أحد المعابد الصينية - قبل ثلاثة آلاف السنوات - تشتكي من اختلاف الشباب عما كانوا عليه الآباء!

ولأننا ضيوف راحلون فليس من حقنا تصويب سلوكيات أصحاب الدار، وكان عينا التزام وصية علي بن أبي طالب:

(ربوا أولادكم فهم خلقوا لزمن غير زمنكم)، فإن فرطنا بتلك النصيحة فعلينا قبول أطفالنا وفق زمنيتهم وليس وفق زمنيتنا.


عدد التعليقات 0
جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
لم يتم العثور على نتائج


شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

في جريدة الجرائد