: آخر تحديث

عبير الكتب: ابن رويشد وتاريخ الراية

3
2
2

كتاب «تاريخ الراية السعودية أعلام وأوسمة وشارت وطنية» للمؤرخ والأديب والناشر السعودي، عبد الرحمن بن رويشد (رحمه الله) من الكتب اللطيفة في موضوعها، المُنيفة في رسائلها، النادرة في ميدانها.

أمس الثلاثاء 11 مارس (آذار) هو يوم «العلَم السعودي» الذي جعلته الدولة يوماً وطنياً للاحتفاء بهذه الراية التاريخية الخضراء.

في الماضي يوم الخميس 11 مارس 1937، أصدر الملك عبد العزيز أمره بالموافقة على قرار مجلس الشورى الذي أقرّ فيه مقاس العَلَم السعودي وشكله الذي نراه اليوم، وفي الحاضر جاء الأمر الملكي الذي أصدره الملك سلمان بن عبد العزيز على «أن يكون يوم 11 مارس من كل عام يوماً خاصاً بالعَلَم باسم يوم العَلم».

لهذا الكتاب اللطيف حكاية ألطف، بها دلالة ذات قيمة، ففي لقاءٍ مع جريدة «الرياض» السعودية مارس 2007، قال الأستاذ عبد الرحمن بن سليمان الرويشد إن فكرة إصدار هذا الكتاب نبعت لديه حينما زعم أحدهم في مناسبة كان حاضراً فيها، بأن «الراية والعلَم السعودي» من خواطر شخص عربي يُعدّ أحد مستشاري الملك عبد العزيز بن عبد الرحمن (يرحمه الله)، فقمتُ ساعتها وأبديتُ رأيي بأن ذلك ليس دقيقاً فالراية هي منذ قيام الدولة السعودية الأولى عام 1727م.

الكتاب عملٌ أصيلٌ بذل فيه مؤلفه جُهداً تاريخياً توثيقياً من بطون الكتب والمراجع، ومن أفواه الرواة، عن أصل الراية السعودية، ولونها الأخضر، وعبارة التوحيد فيها، ومتى وكيف رُسمت السيوف عليها، ومتى كانت عبارة الفتح مكتوبة عليها، وما هي راية الملك الخاصة، وأصل شعار السيفين والنخلة، ومن هي الأسر التي كانت تنسج وتخيط العلَم السعودي، ومن هم حمَلته عبر العصور، الذين يرفعون «البيرق» في ساحات الحروب، وفي لحظات الاحتفال، أو «البيارقية» من الأسر الكريمة.

هذه راية قديمة، رصدتها عيون التاريخ قديماً من ذلك ما ورد على لسان الجاسوس الإسباني الذي ادعّى الإسلام، دومونيغو باديا، أو «الحاج علي العبّاسي»، وشاهد الإمام سعود العظيم في الدولة الأولى في موسم حجّ 1807، أتيح لهذا الجاسوس حينها فرصة رؤية دخول جيش الإمام سعود إلى مكة المكرمة، البالغ عددهم 45 ألفاً، وهم في ثياب الإحرام، كما شاهد جيش سعود وأتباعه يزحفون داخل مكة لأداء المناسك، يتقدَمهم عَلَمٌ أخضر طُرّزت عليه بحروف كبيرة بيضاء عبارة: لا إله إلا الله محمد رسول الله.

عِلماً بأن ذكر هذه الراية بهذه الصِفة مذكور قبل هذا التاريخ بخمسين عاماً تقريباً.

تحّية لعمل الأستاذ عبد الرحمن رويشد، من رُوادّ تدوين التاريخ السعودي، خصوصاً تاريخ الأسرة السعودية بتفاصيل تميّز بها، الذي ثارت عاطفته الصادقة بسبب «سلبطة» بعض الأدعياء على التاريخ والعلم.

وتحية لكل عاملٍ مُجدٍّ لا يعيد تدوير بحث غيره، باسمه، وكأنه مكتشف الكهرباء... في أسواق السوشيال ميديا!


عدد التعليقات 0
جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
لم يتم العثور على نتائج


شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

في جريدة الجرائد