: آخر تحديث

اخسروا الفرص.. وتشبثوا بمن تحبون

5
5
3

يحدث أن يتأخر الفرج ونغرق ببحر الابتلاءات والهموم، حتى نظن أننا سقطنا في دوامة الهلاك، وتنقطع عنا كل السبل، وندرك بظلام الليل أننا معنيون بهذا الوجع وهذا الابتلاء، ندرك المعنى الحقيقي لحقيقة الظروف والنزاعات والأرباح والخسائر، ومن كانت صحبته بالدنيا درساً ومن كان نبراساً، ومن كان يقودنا بدون حرص، سندرك بعد مرور السنين كيف استهانوا بنا وحطموا أحلامنا وهمَّشوا مسيرتنا، وستكون مواجهتنا الحقيقية - آنذاك - تكمن في الرضا وعدم الإبحار ضد التيار، فلن تنجو ولن تربح إذا خسرت كل شيء.

علمتني الحياة إن كانت هناك خسارة فعلينا أن نخسر الفرص والمواقف، ولا نثبت على آرائنا ونخسر من نحب، ومن فُرض علينا وجود بعضهم حتى لو كانوا أعداء وحساداً، وجودهم مهم ولا نتمنى لهم إلا كل خير، فهم أشخاص خلقهم الله لمحاربتك والانقضاض عليك في أي لحظة تغفل فيها عن هويتك وعملك وأمانك وتربيتك، يجعلوننا دائماً وأبداً نظهر النسخة الأفضل في ذواتنا، ودائماً في تمام الجاهزية لمواجهة حقدهم وحسدهم ومكرهم بالتوكل على الله والعطاء المميز والأخذ بالأسباب.

هم دون إدراك منهم يلهمونك ويجعلونك تصل لمرحلة من النضج عميقة جداً، لدرجة أنك تمتن لوجودهم، فلولاهم ما كنتَ بهذه العزيمة والإصرار، وسبحان من خلق وقدَّر ومن وعد وأوفى، سبحان من جبر قلوبنا وطمأن قلوبنا باليسر بعد كل عسر، فوالله ما وجدت قاعدة تجعلني أثبت كقوله تعالى: (فَإِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا)، (5) سورة الشرح.

يتأخر الفرج لكنه آتٍ لا محالة، فعلينا أن نكون في أتم الاستعداد للحظة قدومه، فما إن يأتي العوض من رب العالمين وتفتح أبواب النجاة، لن نرى بعدها الكرب، نكون فعلياً اجتزنا تلك المعارك وخرجنا من دوامة الابتلاء إلى خانة الهدوء والسكينة، عندما نصل لتلك المرحلة نكون قد وصلنا لأفضل مراحل الإدراك والوعي. كثيراً ما أقول علينا أن نفقه أننا في حياة مؤقتة وليست حياة أبدية لكي نحارب ونكره وننتقم من تجاوزات الآخرين، نحن في حياة نهاية كل فرد من أفرادها نهاية موحدة، كفن ومساحة محددة في باطن الأرض، حياتنا فيها محطة ونحن فيها نصارع دروب الجهل والظلام ونطمح دائماً ونسعى أن يذكرونا بخير... كونوا بخير.

 


عدد التعليقات 0
جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
لم يتم العثور على نتائج


شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

في جريدة الجرائد