: آخر تحديث
بين من طالب بتقصي الحقائق ومن اكتفى بمهمة استطلاعية

جدل في المغرب حول فعالية آليات الرقابة على دعم استيراد الماشية

14
11
9

إيلاف من الرباط : تحول الدعم المالي المباشر والامتيازات الجمركية، التي قدمتها الحكومة المغربية لفائدة بعض مستوردي الأغنام والأبقار، إلى موضوع نقاش واسع داخل الأوساط البرلمانية والسياسية، بعدما كشف نزار بركة، وزير التجهيز والماء والأمين العام لحزب الاستقلال ، عن تخصيص أكثر من 13.3 مليار درهم (1.33 مليار دولار) لفائدة مستوردين، دون أن يُسجل تأثيرا ملموسا لهذا الدعم على أسعار اللحوم أو القدرة الشرائية للمواطنين.

وسرعان ما امتد هذا الجدل إلى المؤسسة التشريعية (البرلمان)، حيث انقسمت مواقف الفرق البرلمانية بشأن آلية الرقابة الأنسب لمعالجة الملف.


رسالة فرق الأغلبية المطالبة بتشكيل مهمة استطلاعية


ففي الوقت الذي بادرت فيه فرق المعارضة إلى جمع التوقيعات قصد تشكيل لجنة لتقصي الحقائق، في مسعى إلى فتح تحقيق برلماني رسمي قد يُفضي إلى نتائج ذات بعد مؤسساتي وربما قضائي، تقدمت فرق الأغلبية، مساء الاربعاء، بطلب لتشكيل مهمة استطلاعية برلمانية في نفس الموضوع.

تباين واختلاف في المقاربة والنتائج

تظل المهمة الاستطلاعية للبرلمان، رغم ما توفره من إمكانية للاطلاع على المعلومات والقيام بزيارات ميدانية، محدودة من حيث القوة الإلزامية. ولا تملك، بحسب النظام الداخلي لمجلس النواب ، صلاحية استدعاء الأشخاص تحت طائلة القانون، كما أنها غير ملزمة بنشر تقاريرها أو ترتيب المسؤوليات بشكل مباشر.

في المقابل، ترى فرق المعارضة، أن تشكيل لجنة لتقصي الحقائق، بموجب القانون التنظيمي رقم 065.13، من شأنه أن يتيح إمكانيات أوسع لجمع المعطيات ومساءلة الجهات المعنية، بما في ذلك إلزامها بتقديم الوثائق والشهادات تحت طائلة المتابعة القانونية. كما يلزم القانون بعرض تقرير لجنة تقصى الحقائق في جلسة برلمانية عمومية كي يطلع الرأي العام الوطني على كل الحقيقة، وتُحال توصياته، عند الاقتضاء، على القضاء.

المعارضة تتهم الأغلبية بـ"احتواء الغضب الشعبي"
في خضم هذا التباين، عبّر النائب البرلماني عبد الصمد حيكر، عضو فريق العدالة والتنمية (معارضة)، في برنامج تلفزيوني أخيرا ، عن استغرابه من مبادرة فرق الأغلبية إلى تشكيل مهمة استطلاعية، معتبراً أنها "محاولة لرفع الحرج عن الحكومة والتخفيف على من استفاد من الدعم، ودون أن يكون لهذا الدعم أي أثر فعلي على السوق أو الأسعار".

وقال حيكر "في الوقت الذي تتقدّم فيه فرق المعارضة بمطلب واضح لتشكيل لجنة تقصي الحقائق، نتفاجأ بقيام فرق الأغلبية بامتصاص الغضب الشعبي عبر آلية استطلاعية محدودة الأفق".  

ودعا البرلماني ذاته، نواب فرق الأغلبية إلى "الانضمام إلى المبادرة الرامية لتشكيل لجنة تقصي الحقائق، باعتبارها الإطار الأنسب لتحقيق فعّال ونزيه يحترم ذكاء المغاربة، ويُسهم في كشف ملابسات صرف أموال الدعم العمومي".

وذكر أن "الفرق بين المهمتين لا يكمن فقط في الصلاحيات، بل في الإرادة السياسية الحقيقية للمساءلة وربط المسؤولية بالمحاسبة"، مضيفاً أن "الحكومة تتردد في تشكيل لجنة تقصي الحقائق خوفاً من تداعيات سياسية وقضائية محتملة".

مطالب بفتح تحقيق برلماني موسّع
وتصدّرت وسوم، على منصات التواصل الاجتماعي، تطالب بتقصي الحقائق في ملف دعم استيراد الماشية، حيث دعا ناشطون ومهنيون إلى فتح تحقيق موسع يشمل مسار الدعم، من التمويل إلى التوزيع، مروراً بهوية المستفيدين، وانتهاءً بأثره الفعلي على أسعار اللحوم والأغنام.
ويشير هؤلاء إلى أن الدعم الذي أُقرّ لتأمين تموين السوق قبيل عيد الأضحى لم يُترجم على الأرض، بل أدى، وفق تقديرات غير رسمية، إلى مضاعفة هوامش الربح لدى بعض الوسطاء، في غياب آلية للتتبع والمحاسبة.

صلاحيات لجنة تقصي الحقائق
تُحدث لجنة تقصي الحقائق بموجب طلب موقع من ثلث أعضاء مجلس النواب، أو بقرار من لجنة دائمة، وتختص بالتحري حول وقائع تكتسي طابعاً عاماً أثارت اهتمام الرأي العام أو شكوكا بشأن مدى احترام القوانين في تدبيرها.

ويُمكن للجنة استدعاء الوزراء، المسؤولين، والمستفيدين، كما يمكنها توجيه توصيات حاسمة بناءً على خلاصات التحقيق. لكن، وبحسب القانون، تظل هذه اللجان مؤقتة بطبيعتها، وتنتهي مهمتها فور تقديم تقريرها النهائي، الذي يُحال على مكتب المجلس ثم يُعرض على جلسة عامة.

ولا يُسمح بنشر محتوى التقرير إلا بعد عرضه على البرلمان، ضماناً لسرية الإجراءات واحتراماً للمبادئ القضائية، خصوصاً في حالة وجود قضايا متداولة أمام المحاكم.


عدد التعليقات 0
جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
لم يتم العثور على نتائج


شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

في اقتصاد