: آخر تحديث

نشر الديمقراطية....!

5
4
4

منذ حل مجلس الأمة وتعليق بعض مواد الدستور، لم تطرأ تغييرات جوهرية أو إصلاحات حكومية كبرى، باستثناء ما يتصل بملف الهوية الوطنية، وبعض الامتيازات الوظيفية على حين لا تزال القضايا المتعلقة بالديمقراطية أو الثقافة السياسية خارج نطاق التغيير أو التطوير.

قد نشهد في العام الثاني أو الثالث بعد الحل المؤشرات نحو تقديم تصورات لتعديلات دستورية، غير أن هذا الأمر مرهون بإطار زمني يمتد أربع سنوات منذ تاريخ حل المجلس في 10 مايو 2024، وقد تتأخر الخطوات اعتمادا على الظروف وتطوراتها.

يختلف المفهوم الغربي للديمقراطية جذرياً عن التصورات السائدة في دول العالم الثالث؛ فالديمقراطية في الغرب ليست مجرد آلية انتخابية، بل هي نتاج ثقافة سياسية، ورؤية استراتيجية، ومؤسسات مستقرة، وهو ما يصعب استنساخه في بيئات سياسية مختلفة أو قيد التطوير والمراجعة.

والتساؤل الجوهري: هل تمتلك الحكومة الكويتية جهازًا متخصصًا لرصد وتحليل تقارير مراكز البحوث والدراسات الغربية في أمريكا وبريطانيا وأوروبا؟ وهل تتابع سفارات الكويت، ما يُنشر عن الوضع السياسي في البلاد ضمن التقارير الدورية لوزارات الخارجية الغربية أو مراكز البحث المؤثرة؟

لقد شهدت السياسة الأميركية تحولات حادة منذ صعود نجم الرئيس ترمب، لكن من الصعب الجزم بأن هذه التحولات ابتعدت عن الأجندات المؤسسية لوزارة الخارجية الأميركية، خاصة ما يتعلق بنشر الديمقراطية أو رصد التحولات السياسية في دول الخليج.

يبرز هنا دور "المعهد الوطني لدعم الديمقراطي (NDI) " كأحد الأذرع الدبلوماسية الناعمة لوزارة الخارجية الأميركية، حيث ينشط في تنظيم برامج ومنتديات عن الديمقراطية، لكنها كثيراً ما تُتهم بالتدخل في الشؤون الداخلية للدول.

في العام 2003، نظم المعهد مؤتمرًا في البحرين، حضرته كونداليزا رايس قبل تولّيها وزارة الخارجية، ورغم الطابع الأكاديمي للمؤتمر، فإن نقاشاته انحرفت عن هدفه العلمي، مما أثار تحفظات خليجية على التوجهات الأميركية عن الديمقراطية ونشرها.

وفي حين اتخذت البحرين لاحقًا مواقف حاسمة تجاه تلك البرامج الأميركية عن الديمقراطية، لا تزال الكويت مترددة في رسم موقف واضح ومتناغم مع دول الخليج العربي في شأن خصوصية كل نظام سياسي. 

 

لقد بدا مؤتمر نشر الديمقراطية يخفي أجندات سياسية أميركية لا تتسق مع خصوصيات المنطقة، لذلك أغلقت البحرين مكتب المعهد NDI في المنامة في شهر مارس من العام 2006.

وقد شاركت الكويت في ذلك المؤتمر، لكن مشاركتها كانت متواضعة وبخطاب دبلوماسي ناعم، لم يعكس تجربتها العريقة نسبيًا في المجال الديمقراطي، ولم تستثمر الفرصة لتقديم رؤية واقعية للإصلاح السياسي في دول الخليج.

لقد كانت مشاركة وزارة الخارجية الكويتية في اجتماع جنيف الأخير بشأن حقوق الإنسان، متواضعة وتحضير دبلوماسي أكثر تواضعاً؛ فهل تنتظر الخارجية تدخلًا غربياً جديدا في ملف الديمقراطية؟ أم تراهن على عامل الوقت حتى تهدأ العواصف؟!

من المقلق أن التقارير الغربية حول الوضع في الكويت بعد حل المجلس ليست إيجابية في مجملها، إذا لم تُفعل وزارة الخارجية أذرعها في الخارج لرصد هذه المؤشرات والتواصل مع مراكز القرار والبحث لكي لا تصبح قصة الكويت مع الديمقراطية يتيمة.

*إعلامي كويتي


عدد التعليقات 0
جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
لم يتم العثور على نتائج


شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.