: آخر تحديث

اكتب اسمك ناصعاً في التاريخ

7
7
7

خالد بن حمد المالك

للرئيس الأمريكي ترامب مواقف مقدرة من المملكة، لها صفة الايجابية المستمرة، وهو لا يخفيها، وإنما يعبّر عنها بشفافية ووضوح، ولا يترك مناسبة إلا وصوته يلهج بالثناء والتقدير على قيادة المملكة وشعبها، وقد خصّها من باب التقدير بأن تكون أول زيارة خارجية له إلى المملكة، فعل ذلك في فترته الأولى، وجدّد ذات الموقف حين اختير رئيساً للولايات المتحدة الأمريكية للمرة الثانية.

* *

وله مع غير المملكة مواقف إيجابية وأخرى سلبية، بعضها يكون موقفه على حق، وبعضها الآخر تكون هناك مسافة بعيدة بينه ومواقفه وبين الحق، ما شوّه إيجابيات سياساته، وجعل من ينظر إليه بالريبة والشك، وعدم العدل، وانقياده بحسب الأهواء التي تسيطر عليه، وكأنه لا يدرك بأنه يهمّش صورته على نحو لا يجعله المرجعية المناسبة بوصفه رئيسا لأقوى دول العالم، رافضاً أن يؤسس لقيم ومنهج وسياسات يعتمد عليها العالم، وتنسب إليه.

* *

ولأن التاريخ لا يرحم، ولا يجامل، ويتتبع خطوات وتصرفات القادة الكبار، والشخصيات المؤثرة، والقامات الكبيرة، والرئيس ترامب أحد هؤلاء، فقد آن الأوان ليعيد النظر في بعض مواقفه، وثم تصحيح ما هو خطأ فيها، والمعالجة بما يضمن بقاء صورة ترامب مشرقة ومحبوبة، وذات تاريخ ناصع.

* *

لن أذهب بعيداً، ولن أتوسع في القول عن اندفاعات الرئيس فيما لا يجب أن يندفع نحوها، ودعمه لها رغم وضوح الطريق والرؤية، وأنه يسير في المسار الخطأ، ويأخذ بالموقف غير الصحيح، ويتجاوب تأييداً لمن لا يستحق ذلك، والخروج عن الإجماع، ومخالفة القوانين الدولية والشرعية، بما هو واضح وجلي لكل متابع للسياسة، ومراقب للأحداث، ومتعمق في قراءة ما بين السطور.

* *

قولي للرئيس الذي يجمع كل المتناقضات، ويمحو في المساء ما قاله في الصباح، ويغيّر مواقفه بين اليوم والأمس، بما أغرق الكل بالسياسات المعقولة ونقيضاتها، باندفاع حيناً وهدوء أحياناً أخرى، قولي له عن موقفه من القضية الفلسطينية، ودعمه الأعمى لإسرائيل، وموقفه الرافض لكل حل لهذا النزاع التاريخي الذي شوّه صورة أمريكا وصورة رئيسها.

* *

من الخطأ في السياسة الأمريكية بقيادة ترامب أن تغيب أمريكا عن مؤتمر خيار الدولتين، وأن يصرّح رئيسها بالتنديد باعتراف فرنسا بالدولة الفلسطينية، ونية بريطانيا المعلنة بالاعتراف بها، بدلاً من تفهّم الأسباب التي دعت الدولتين إلى الاعتراف بالدولة الفلسطينية، ومن المعيب أن تدعم أمريكا برئاسة ترامب إسرائيل في قتل الفلسطينيين، وتهجيرهم، ومنع الدواء والغذاء عنهم، وتحمي القتلة من المحاكم الدولية على ما اقترفوه من مجازر بحق الشعب الفلسطيني في قطاع غزة.

* *

كيف يستقيم القول: إن أمريكا هي راعية حقوق الإنسان، وحامية السلام، والدولة الديمقراطية التي تُعنى بإقرار الحريات، وهي تؤيد وتدعم حرب الإبادة، ولا تقبل بإقامة دولة فلسطينية، وتسمح باستمرار الاحتلال، ولا تقوم بأي جهد منفرد، أو مع آخرين لإحلال السلام بين الفلسطينيين والإسرائيليين، بل وتزيد على ذلك بإكراه بعض الدول على دعم إسرائيل، وبناء تحالفات معها ضد شعب تُحتل أرضه، ويعامل الشعب بالقهر والظلم والعدوان المستمر؟!.

* *

أقول للرئيس الأمريكي: دع صفحتك ناصعة في التاريخ، أترك أثراً يخلّدك، تعامل مع المحرومين من حقوقهم، وأرضهم، وقيام دولتهم بما يقتضيه العدل والإنصاف والحق الأبلج، وقرارات الشرعية الدولية، أنت لا تقبل أن يُساء إلى اسمك، ولا أن تشوّه إسرائيل صورتك، فافعل ما يُخلّدك، وقم بما يُمليه عليك واجبك، بلا انحياز، أو ظُلم، أو عدم الوقوف على مسافة واحدة من الطرفين، وحذارِ أن تكون القوة هي سلاحك، وتغفل عن سلاح العدل والإنصاف، والتعامل بميزان واحد بين الطرفين، تذكّر أن التاريخ لا يرحم.


عدد التعليقات 0
جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
لم يتم العثور على نتائج


شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

في جريدة الجرائد