من شروط السلامة الجويّة للطائرات المدنية، وجود إرشادٍ مِلاحي مستمرٌ دائمٌ يقظٌ للطوارئ، ومن دون وجود هذا الإرشاد المِلاحي لا يمكن البتة للطائرة أن تضمن طريقها ولا سلامة ركّابها، تصبح كالأعمى الذي يسير على أرضٍ زلقة مظلمة - فوق ظلمة عماه - تحتشد فيها الثعابين السوداء السامّة، والكواسر والجوارح من الحيوان.
لولا الإرشاد الملاحي لما وُجدت ولما استمّرت صناعة الطيران المدني لليوم، وقُل مثل ذلك عن الإرشاد المِلاحي البحري.
برج الإرشاد تجتمع به كل المعلومات عن أحوال الجو، وحركات الطيران الأخرى، ووضع المدرج الذي ستهبط عليه الطائرة، وعدد الطائرات قبل وبعد الطائرة، وحالة المطار بصفة عامّة، وكل ما يمكن أن يحدث من حوادث طبيعية أو بشرية.
هذه ميزته، فضلاً عن وجوب أن يصغي كابتن الطائرة وفريقه إلى توجيه الإرشاد، فالثقة هنا سبب وجود وجوهر حياة، وليست ترفاً.
اليوم الطائرة السورية تُقلع نحو الأفق الجديد، بعد عقودٍ من الركود والجمود وفصول القهر والحكم الأسدي المريض، كلّ صاحب نفس سليمة يرجو للطائرة السورية السلامة في إقلاعها وتحليقها حتى وصولها إلى مدرج الأمان.
غير أنّه ليحصل ذلك، يجب على الطائرة وطاقم قيادتها الارتباط ببرج الإرشاد المِلاحي، والذي هو أحرص طرفٍ على سلامة الرحلة وركّابها، وهو موضع ثقة الكلّ، فالسلامة وصحة الاتجاه وصواب الوجهة، مربوطة بتوجيهات الإرشاد الملاحي، حتى حين.
لا يوجد اليوم أكثر من السعودية حرصاً على سوريا الجديدة، ورغبة في سلامة رحلتها، وهي التي أقامت الدنيا وأقعدتها من أجل سوريا الجديدة، سوريا ما بعد الأسد، وما رفع العقوبات عنّا ببعيد، وهو جزء من كل، من الجهود السعودية الخيّرة نحو سوريا.
طاقم الطائرة السورية خبرته في قيادة الدولة قليلة وجديدة، ولا غِنى له عن نصح الناصح الأمين وتوجيه المرشد الحريص، ولن يجد أفضل ولا أصدق ولا أعمق، من الإرشاد المِلاحي السعودي.
أغلب الأطراف في سوريا تضع ثقتها في السعودية، بمن فيهم مَن يختلف مع الشرع، قليلاً أو كثيراً، مثلاً:
جماعة «قسد» في شرق سوريا، فهذا مظلوم عبدي قائد «قوات سوريا الديمقراطية»، ينفي في مقابلة مع قناتي «العربية» و«الحدث» أي دور لتركيا في الحوار بين «قسد» والحكومة المركزية في دمشق، مشيراً إلى الثقة بالسعودية التي يمكنها لعب دور إيجابي إن دخلت وسيطاً خصوصاً بعد دورها الكبير في رفع العقوبات عن سوريا.
شيءٌ مثل هذا، صدر أيضاً عن جهات درزية داخل وخارج السويداء، بعد الأزمة الخطيرة بين الحكومة والدروز في الفترة الأخيرة.
صفوة القول، كل محُبٍّ لسوريا يرجو لها النجاح والفلاح وسلامة الوصول، بعد مرحلة الأسد المريضة، لكن علم الطيران السليم يقول إن شرط السلامة هو وجود إرشادٍ مِلاحي، ووجوب الإصغاء لهذا الإرشاد.