: آخر تحديث

تآكل السّلام.. قراءة في الخطاب السعودي

6
5
7

منى العتيبي

استمعتُ لكلمة المملكة العربية السعودية التي قدمها سمو وزير الخارجية الأمير فيصل بن فرحان، خلال المؤتمر الدولي رفيع المستوى حول التسوية السلمية للقضية الفلسطينية وتنفيذ حل الدولتين، الذي عُقد في مقر الأمم المتحدة بنيويورك، وشدّتني الكلمة في حبكتها التعبيرية والدبلوماسية؛ حيث قدمت المملكة العربية السعودية خطابًا يجمع بين الحزم الدبلوماسي والوضوح السياسي، فقد حضرت اللغة الحازمة مع مطلع الكلمة مما يدل على أهمية الموضوع وجديته في تحقيق الحق ورفع الظلام عن دولة فلسطين، واتضح ذلك جليًا في الخطاب المباشر عبر تحميل مباشر للمسؤولية للجهات المعنية، حينما أكد سموه على أن استمرار التصعيد والانتهاكات الجسيمة في الأراضي الفلسطينية، بما في ذلك التجويع والقصف والتهجير، يمثل تقويضًا ممنهجًا للجهود الدولية. وهنا وُظفت الكلمات المسؤولة والحازمة توظيفًا مباشرًا دون استعارة أو تورية أو مجازًا حالما استخدم الكلمات في سياقها الصريح والفصيح مثل الكلمات: الانتهاكات الجسيمة التي تُعبر عن خطورة الأفعال المرتكبة، مما يعكس موقفًا حازمًا تجاه هذه التصرفات، و«تقويض ممنهج» الذي يشير إلى أن هناك جهودًا منظمة تهدف إلى إضعاف أو تدمير الجهود الدولية، مما يعكس تحميلًا مباشرًا للمسؤولية، وأيضًا «قيود تعسفية، سياسيات استيطانية، تهدف إلى تغيير الطابع الديني والديموغرافي، كما جاء التعبير البلاغي الجميل». تآكل السلام، اختصار للمشهد السياسي فيما يحدث تجاه القضية الفلسطينية.. «تآكل السلام» يعني أن هناك مسؤولية عظيمة وخيبة أعظم في التخاذل مع حل السلام في دولة فلسطين.

وبعد اللغة الحازمة التي لا تقبل أي تزييف ولا تتحمّل أي ردة فعل غير الانصياع للحق المشروع، حضرت اللغة الدبلوماسية في الدعوة للتعاون الدولي، وحضر معها الخطاب السعودي الدبلوماسي الذي يهدف إلى بناء الإنسان والمكان وذلك من خلال الكلمات والجمل «الالتزام بالسلام»، فهو تعبير يُظهر دعم المملكة للجهود السلمية والتزامها بالحلول الدبلوماسية، وأيضًا عبارة «دعم الشعب الفلسطيني في بناء قدراته»، وتؤمن المملكة بأن السلام لا يمكن أن يبنى دون تمكين الشعب الفلسطيني تنمويًا واقتصاديًا، التي تعكس رغبة المملكة في تمكين الشعب الفلسطيني وتعزيز قدراته الذاتية، وغيرها من المفردات التي تدعو المجتمع الدولي إلى دعم الشعب الفلسطيني في بناء قدراته وتمكين مؤسساته الوطنية وضرورة تمكين الشعب الفلسطيني اقتصاديًا وتنمويًا وتعزيز التعاون مع السلطة الفلسطينية في مجالات التعليم وتنمية القدرات البشرية.

كما تضمنت الكلمة السعودية في المؤتمر عددًا من الرسائل المضمّنة توازن بين المبادئ والواقعية السياسية؛ فالكلمة بشكلها العام تُظهر توازنًا بين التمسك بالمبادئ، مثل دعم حقوق الشعب الفلسطيني، والواقعية السياسية من خلال الدعوة إلى التعاون الدولي وتعزيز التنمية، وهذا التوازن يعكس نهج المملكة في التعامل مع القضايا الدولية، حيث تسعى إلى تحقيق السلام والاستقرار من خلال الحوار والتعاون. كما تضمنت الكلمة توازنًا بين الحزم في الدفاع عن الحقوق الفلسطينية والدعوة إلى التعاون الدولي وهذا التوازن يعكس الدور المتنامي للمملكة في الساحة الدولية، حيث تسعى إلى تحقيق السلام والاستقرار من خلال الحوار والتعاون.

ختامًا.. الكلمة السعودية في المؤتمر جاءت واضحة ومباشرة وامتدادًا للموقف السعودي الراسخ عبر الزمان تجاه القضية الفلسطينية وحل السلام الدولي في إحقاق الحق المشروع لفلسطين وإنهاء العدوان عبر التعاون والتضامن مع المبادرة السعودية لاستقلال الشعب الفلسطيني وبناء قدراته وتمكينه التنموي.


عدد التعليقات 0
جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
لم يتم العثور على نتائج


شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

في جريدة الجرائد