: آخر تحديث

سردية تستحق التوثيق

6
5
6

علي عبيد الهاملي

في اللحظة التي تتقدّم فيها الأمم بثبات نحو مستقبلها، تدرك القيادات الحكيمة أن المسير لا يكتمل من دون أن تكون الحكاية التي تأسست عليها الدولة واضحة، دقيقة، ومتّسقة، تُروى للأجيال كما هي، بلا تحريف أو اجتزاء أو مبالغة.

هذا القرار ليس إجراءً إدارياً عابراً، ولا خطوة اعتيادية في بنية الأجهزة الحكومية، بل هو قرارٌ استراتيجي يعبّر عن وعي عميق بأهمية السرد الوطني في بناء الهوية، وتعزيز الانتماء.

لعل أبرز ما يجعل تشكيل هذه اللجنة ضرورة وطنية، هو أنّ سردية قيام الاتحاد، على عظمتها، ليست مجرد قصة تُروى، بل هي إطارٌ تتكون فيه صورة الدولة في وعي أبنائها، وفي نظرة العالم إليها. السردية الوطنية ليست حدثاً ماضياً فحسب، بل هي ركيزة لصياغة المستقبل.

الإمارات، منذ قيامها، أولت عناية استثنائية بتاريخها. فقد كان المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيّب الله ثراه، يدرك أن الاتحاد ليس مجرد اتفاق سياسي، بل هو مشروع حضاري يحتاج إلى ذاكرة جمعية تحفظ لحظاته، وتوثق مسيرته، وتحمي رموزه. واليوم.

إن التحديات التي تواجه العالم اليوم، من انتشار المعلومات الخاطئة، إلى سهولة تداول السرديات المضللة عبر المنصات الرقمية، تجعل من الضروري وجود جهة رسمية تضع المعايير، وتُصدر الوثيقة التاريخية المعتمدة، وتضمن اتساق ما يُنشر مع ما هو ثابت وموثق.

إنّ توحيد السردية الوطنية ليس هدفاً شكلياً، بل هو ضرورة استراتيجية لتعزيز الثقة، وترسيخ الانتماء، وضمان أن تبقى قصة الإمارات واحدة مهما تعددت المنابر والرواة.

ولعلّ من أهم عناصر هذا القرار أنه يربط الماضي بالمستقبل، فلا يكتفي بتوثيق ما جرى، بل يضع آلية للمراجعة والتحديث المستمر وفق المستجدات البحثية والوثائقية، مع الحفاظ على الثوابت الجوهرية.

إن تشكيل «اللجنة الوطنية لسردية الاتحاد» خطوة تعزز مكانة الإمارات دولة راسخة تعرف قيمة تاريخها، وتعي أهمية هويتها، وتدرك أن المستقبل لا يُبنى بالإنجازات وحدها، بل بالذاكرة أيضاً.

هذه اللجنة ليست مجرد إطار تنظيمي، بل عهد جديد في صون التاريخ الوطني، وضمان أن تُروى قصة الاتحاد كما يجب أن تُروى؛ رواية واحدة، موثقة، صادقة، تليق بالإمارات، وبالقائد الذي وضع حجرها الأول، الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، وإخوانه المؤسسين، عليهم رحمة الله.


عدد التعليقات 0
جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
لم يتم العثور على نتائج


شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

في جريدة الجرائد