: آخر تحديث

لا لانفصال جنوب اليمن عن شماله

3
2
3

خالد بن حمد المالك

كان موقف المملكة -ولا يزال- ضد انفصال جنوب اليمن عن شماله، وأن التفكير في الإعلان عن دولة يمنية جنوبية لا يخدم اليمن المتحد، ولا يقضي على النزاعات التاريخية بين الشمال والجنوب، سواء قبل الوحدة أو بعدها، ولا يساعد على بناء اليمن، وتحسين أوضاعه المعيشية، وإنما يزيد من الانقسامات والصراعات والخلافات، كما هو واضح ومتوقع.

* *

وكان رأي المملكة، وموقفها الثابت أن يتفاهم اليمنيون من خلال الحوار والدبلوماسية على ما يبعد التدخلات الخارجية في شؤونهم، وأن تكون كلمتهم واحدة، وتوافقهم على ما يجنب بلادهم فتح ثغرات لتدخل الخارج في شؤونهم الداخلية، وأن هذا لا يتحقق إلا إذا كانوا في موقف واحد، وصف واحد، ورؤية واحدة، وقناعتهم بأن القوة تكمن بالوحدة، لا بالانفصال.

* *

المملكة أيَّدت الوحدة حين اتفق اليمنيون على صياغتها بأفكارهم ورؤيتهم واختيارهم، ووقفت ضد الانفصال في محاولة قام بها مغامرون يمنيون جنوبيون بعد سنوات من قيامها، وهي اليوم تقف مرة أخرى ضد مغامرة جديدة قام بها انفصاليون من المجلس الانتقالي الجنوبي، إذا لا مصلحة في احتلال وسيطرة حضرموت والمهرة من عناصر يمنية تنتمي للمجلس الانتقالي الجنوبي، مع أنها تشارك أيضاً في تشكيل الحكومة الشرعية بجنوب اليمن، فيما لا يزال الحوثيون يحتلون الشمال، ويُهددون الجنوب، وهناك جُهد يُبذل لمعالجة الوضع في اليمن بشماله وجنوبه.

* *

المملكة تنبأت مبكراً بما يمر به اليمن في شماله وجنوبه من حروب وانقسامات، وتهديد لأمنه واستقراره، وغياب للعمل المؤسسي في إدارة البلاد، وغموض يهدِّد وضعه في المستقبل، إذا ما سار على هذا النهج، وبذلت كل جهد ممكن، ومارست كل عمل يصب في مصلحة اليمنيين، وأخذت بكل أساليب الضغط لكبح جماح ومغامرات الحوثيين في الشمال والمجلس الانتقالي في الجنوب، كي لا يصل اليمن إلى ما وصل إليه.

* *

ومنذ بدء الأزمة، وتطورها المتسارع جمعت المملكة في الرياض الأطراف المتنازعة، من الشمال والجنوب، للتوفيق فيما بينهم، وتوصلت الأطراف بالإجماع على صيغة مُرضية للجميع، وكان ذلك خلال حكم علي عبدالله صالح، وبدء الانشقاق عنه، ونجحت قمة الرياض في رأب الصدع في العلاقات بين اليمنيين، وفي الوصول إلى ما يحفظ لليمن وحدته وأمنه واستقراره، باتفاق رضي عنه الجميع، وقد ترتب عليه تنازل علي عبدالله صالح عن السلطة.

* *

عاد اليمنيون إلى بلادهم حينذاك، وبأيديهم نص بما تم الاتفاق عليه بالرضا، لكن ما أن وصلوا بعد فترة قصيرة إلى اليمن، حتى ظهر الحوثيون بانقلابهم على الاتفاق، وبالسيطرة على الشمال، وامتداداً على الجنوب، ما اضطر المملكة إلى حشد عدد من الدول معها في تحالف لتحرير الجنوب، وقيام حكومة يمنية من عدن، على أمل إنهاء حكم الحوثيين في الشمال.

* *

وفيما كان يتم العمل دبلوماسياً لمعالجة المشكلة اليمنية في الشمال والجنوب، فيما اعتقد البعض أنها مستعصية، حتى مع نجاح التحالف في تحرير الجنوب، كانت المفاجأة بقيام المجلس الانتقالي بالانقلاب على الشرعية في الجنوب، واحتلال محافظتي حضرموت والمهرة، مع أن من قام بهذا الانقلاب هم رئيس وأعضاء المجلس الانتقالي الذين هم أيضاً أعضاء وشركاء في مجلس القيادة وفي الحكومة الشرعية، ما سوف يعقّد المشكلة إذا لم يتم سحب القوات العسكرية فوراً إلى مواقعها السابقة، وتسليم المعسكرات لقوات درع الوطن، ولن يكون هناك حل لأزمة الجنوب مع هذه التطورات، وهذا التصعيد دون تحقيق ذلك.

* *

وفي هذه المرحلة، التي تزداد فيها تعقيدات الوضع في اليمن ككل، مع ما يعانيه من أوضاع اقتصادية صعبة، وفقر مدقع، ويأس من حلول سريعة لمشاكله، لا بديل من العودة إلى ما كان عليه الوضع في الجنوب قبل انقلاب المجلس الانتقالي، لأن القادم إذا ما ظل الوضع على ما هو عليه سيكون منذراً بما هو أخطر.


عدد التعليقات 0
جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
لم يتم العثور على نتائج


شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

في جريدة الجرائد