: آخر تحديث

مهلة ترامب وتصميم بوتين

4
3
5

على بعد ثلاثة أيام من انتهاء المهلة التي منحها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب لنظيره الروسي فلاديمير بوتين لإنهاء الحرب في أوكرانيا، لا يوجد ما يشير إلى أن موسكو ستخضع لهذا السقف، أو تنصاع للتهديد، كما لا يبدو أن لترامب هامشاً كبيراً للمناورة، وقد يضطر إلى التنازل في اللحظة الأخيرة، تجنباً للدخول في مغامرة غير محمودة العواقب.في الأسابيع الأخيرة، وبعد أن أعرب ترامب عن إحباطه من بوتين، تدهورت العلاقات بين البلدين، وبلغت مستوى غير مسبوق من السجال الذي وصل حد التلويح بالسلاح النووي. وما دار من تلاسن بين ترامب والرئيس الروسي السابق ديمتري ميدفيديف، لا يمكن التهوين من أبعاده وتأثيراته. وإذا كانت تلك المعركة الخطابية لا تعني أن البلدين ذاهبان فعلاً إلى مواجهة مدمرة على الفور، إلا أن رسائلها تفيد بأن موسكو وواشنطن تقفان على طرفي نقيض، وأن بوتين لن يستسلم لشروط ترامب، ولن يوقف الحرب، ما لم يحقق الأهداف التي أعلنها منذ بدء «عمليته العسكرية الخاصة» في أوكرانيا، وهي أهداف لا تقتصر على الأقاليم الأربعة التي ضمها رسمياً، وإنما تتعداها إلى ما يعتبرها مصالح روسيا الاستراتيجية والخطوط الحمراء التي يفرضها أمنها القومي. قبل انتهاء المهلة، يحاول الرئيس الأمريكي إيجاد مخرج من هذه الورطة، وقرر أن يوفد مبعوثه الخاص ستيف ويتكوف إلى موسكو، وقد تكون هذه الزيارة المفاجئة فرصة لإيجاد أرضية مشتركة تخفف من حدة الشد والجذب بين الطرفين، وقد تدفع إلى تمديد المهلة أو إلغائها بشكل غير مباشر، عبر الاتفاق على عقد قمة بين ترامب وبوتين، قد تنعقد الشهر المقبل برعاية الرئيس الصيني شي جين بينغ في بكين. وربما يكون هذا الحل المؤقت أهون الشرور، أما مضي ترامب في تنفيذ تهديده بفرض عقوبات على روسيا ومن يتهمهم بدعمها في الحرب، فقد ينقل الأزمة إلى مربع مختلف عن الراهن، وقد يقود العلاقة بين موسكو وواشنطن إلى أسوأ تصعيد بينهما في العقود الأخيرة، وقد يجعل من الصراع الدائر في أوكرانيا أشد ضراوة مما سبق. ويتضح هذا السيناريو من التلميحات الروسية الكثيرة التي تؤكد أن وقف الحرب من دون تحقيق أهدافها كاملة سيكون خسارة وهزيمة استراتيجية، وهو ما لن يقبل به بوتين، وواجه من أجله إدارة جو بايدن والغرب كله، وتعرضت بلاده إلى أكبر ترسانة من العقوبات في التاريخ الحديث، ولم تخضع. هذه المرحلة ستبقى مفتوحة على كل السيناريوهات، وأفضلها سيكون التوصل إلى اتفاق ما، يخفف التوتر، ويعيد تنشيط العلاقات بين موسكو وواشنطن، لأن أياً منهما لا يريد خسارة الطرف الثاني، وأن التوجه إلى تصعيد المواقف سيكون وبالاً على كل الأطراف، وسيفجر صراعات وأزمات وحروباً بالوكالة، وسباقاً جديداً للتسلح يشمل الكرة الأرضية. وقد يكون هذا التوجه يخدم روسيا في الوقت الحالي، بعدما أعلنت انسحابها من معاهدة التعليق المؤقت لأنظمة الصواريخ النووية المتوسطة والقصيرة المدى، ولوَّحت بخطوات إضافية رداً على سياسات حلف شمال الأطلسي العدائية. وأكد ميدفيديف، مرة أخرى، أن «هذا واقع جديد سيتعين على جميع خصومنا أن يضعوه في الاعتبار»، وهي جملة بلاغية تختزل ما تشهده العلاقة بين الطرفين من احتقان وانهيار مريع للمعادلة القائمة منذ ثلاثة عقود.


عدد التعليقات 0
جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
لم يتم العثور على نتائج


شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

في جريدة الجرائد