خالد بن حمد المالك
لا يكفي حزب الله اللبناني ما فعله خلال عقود من الزمن بلبنان وشعب لبنان، باستخدام سلاحه للإرهاب، وقتل الخصوم، وجعل الدولة في حالة من عدم الاستقرار، بل إنه حتى وهو يتعرض للانكسار أمام إسرائيل لا يريد أن يذعن للواقع، ويستسلم، وينهي ولاءاته الخارجية.
* *
قُتل قادته، وبينهم أمين الحزب حسن نصرالله، وأخلت عناصره مواقعها على الحدود الجنوبية مع إسرائيل، ولم يعد الحزب يشكِّل تهديداً لإسرائيل، مما اضطره إلى القبول باتفاق يُلزمه بتسليم سلاحه للجيش، ضمن شروط إسرائيل لعدم مواصلتها الحرب، مع إنهاء ما تبقى عنده من سلاح وتسليمه للجيش اللبناني، وهو ما وافق عليه الحزب.
* *
لكن كعادة الحزب، بدأ يراوغ، ويحاول أن يكسب الوقت، ويستجيب لإملاءات الخارج، مع علمه بأنه في حالة ضعف، وأنه محاصر أمريكياً وإسرائيلياً لتطبيق ما تم الاتفاق عليه، وأنه لا خيار أمامه غير ما نصَّ عليه الاتفاق، وإلا واجه حرباً ضروساً تستكمل فيها إسرائيل القضاء على ما تبقى لديه من مقاتلين وعتاد.
* *
المشكلة ليست في القضاء على قوة الحزب العسكرية، فهذا ما يتمناه اللبنانيون بعد أن ذاقوا منه الويل والإرهاب، والقتل لكل معارض أو محتج على سياسته، المشكلة في أن لبنان يدفع ثمن ممارسات حزب الله، مبانيه تُهدم، وأبرياء يُقتلون، وفوضى وعدم استقرار تضرب طول البلاد وعرضها.
* *
ظل الحزب على مدى سنوات يتحدث عن تحرير الأراضي اللبنانية المحتلة، ولم يُحررها، ويتحدث عن أنه مقاومة يقوم بما لا يستطيع أن يقوم به الجيش للحفاظ على وحدة الأرض اللبنانية، ولم ير الشعب اللبناني غير جر البلاد إلى حروب أخَّرت لبنان سنوات إلى الوراء بسبب هذا الحزب العقائدي المعتمد على التمويل من الخارج.
* *
حزب الله الآن في حكم المنتهي عسكرياً، فكثير من أسلحته أبيدت، وأخرى حُددت أماكنها وهي تحت نيران إسرائيل، وعناصره بين من ترك الخدمة، ومن قتل، ومن هو يستعد للرحيل، والأموال التي كانت تصل إليه لدفع الرواتب ضمن الإغراءات للانضمام إليه توقفت بفعل الحصار والمراقبة، مع انتهاء سيطرة الحزب على المطار والموانئ اللبنانية.
* *
الرئيس اللبناني في أداء القسم، ورئيس الحكومة اللبنانية في بيان تشكيل الحكومة قالا ما لا لبس فيه بأن السلاح يجب أن يكون حصراً بالجيش اللبناني، وأن لا قبول بوجود قوة عسكرية موازية لقوة الجيش، غير أن حزب الله لا يزال يتهرَّب من الاعتراف بذلك، حتى وهو يوقِّع على اتفاق مع إسرائيل لتسليم سلاحه.
* *
الحكومة اللبنانية تتعامل مع حزب الله بمرونة، ودبلوماسية، ومن خلال الحوار الذي لم يُفض إلى شيء، في ظل العناد من بقايا عناصر الحزب، ما يعني أهمية التعامل معه بالقوة لتنفيذ ما عليه من مستحقات، أبرزها تسليم سلاحه وترك الدفاع عن لبنان للجيش، مثل كل دول العالم.
* *
ومنذ الاتفاق مع إسرائيل على وقف إطلاق النار وافق الحزب على عدم إطلاق رصاصة واحدة على إسرائيل وقد التزم بذلك، بينما تواصل تل أبيب ضرباتها يومياً في مواقعه بلبنان، بذريعة أن حزب الله لم يسلِّم سلاحه، وهذا الهجوم الإسرائيلي اليومي لا تقتصر أضراره على مواقع حزب الله، وإنما تمتد إلى اللبنانيين الأبرياء، وإلى البنية التحتية الهشَّة في البلاد.
* *
وأمام هذا الوضع توقف الكلام عن مساعدات للبنان وعد بها عددٌ من الدول، خاصة المملكة ودول الخليج، إذ إن المساعدات تكون للبنان المستقل، الخالي من السلاح المنفلت، للدولة التي لا تشهد عدواناً إسرائيلياً متواصلاً، وهو ما لا تتمتع به الدولة اللبنانية، وآن الأوان لإلزام حزب الله بوقف عنترياته، وامتلاكه السلاح، وإعطائه نفسه المسؤولية للدفاع عن لبنان - كما يدَّعي- عوضاً عن الجيش.