: آخر تحديث

حضارات الأجداد يصونها الأحفاد 1 من 2

3
2
3

علي الخزيم

* اتُّفِق على تسمية الدراسات والبحوث المتعلقة بالبقايا والمتروكات المادية التي خلفتها التجمعات السكانية وقاطني الأرياف والمرابع الرُّحّل وغيرهم مِن أدوات ولوازم يدوية ووسائل نقل وترحال وبناء وسكن منزلي وآلات قتال وحرب وغيرها: بعلم الآثار؛ والهدف من هذا الفرع من العلوم هو الدراسات المُتَقصيّة لمعطيات ودلالات تلك الأدوات والنقوش والمقتنيات والمعالم التي تركها أصحابها من قدماء التجمعات السكنية البشرية وما ينتمي لطرق حياتهم بحروبهم وحمايات القبيلة؛ ومن حيواناتهم وزراعتهم وأطعمتهم وملبوساتهم إلى غير ذلكم مما يُؤدي لفهم طبيعة معيشتهم وثقافاتهم ونتاجهم الفكري والأدبي وعلاقاتهم الإنسانية.

* وقد احتضنت جزيرة العرب الكثير من المواقع الأثرية والشواهد الحَضَرية التراثية وأخص هنا مملكتنا الحبيبة التي تزخر بمثل هذه الآثار الجاذبة اللافتة؛ القاطعة بنهضة تلك الحضارات المتعاقبة داخل جزيرة العرب وبحدود المملكة العربية السعودية الآن، وتشير كثير من الدراسات والكشوفات إلى إرث حضاري تاريخي قديم كان وما زال مصدر اقتباس وإلهام لشعوب وحضارات عديدة على مدى التاريخ، ويمكن الاستدلال على هذا بتزايد أعداد السياح والباحثين والآثاريين الوافدين بالزيارة لربوع المملكة كافة لما لها من معالم نادرة تثير شغفهم للاطلاع والتبصر والبحث.

* وعلى اتساع وامتداد مساحة المملكة -حرسها الله سبحانه- كأنك تستمع للمعالم والرموز والنقوش والأدوات التراثية وهي تُحدِّثك بثقة وعنفوان عمَّا كان عليه أجدادنا وأسلافنا الأماجد مِمَّن سكنوا الديار وعمروها بجدهم وكفاحهم بما يملكونه من قُدرات وأدوات قد تكون بدائية بحقب موغلة بالقدم، غير أنهم لم تنقصهم الفكرة الجيدة والابتكار والحذق بتطوير المعطيات والإمكانات المتاحة لتوائم الرقي المطرد الذي أوجده المولى سبحانه بالطبيعة البشرية من السعي لتطوير الذات فتأتي هذه الأدوات متدرجة بالتحديث بما يناسب أغراضهم وحاجتهم المتزايدة؛ وهنا مكمن ومرتكز الدراسات والبحوث لمعرفة وتقييم تاريخ الحقب الزمنية المتوارثة لتلك التجمعات السكانية.

* وحين نفهم ما كان عليه الأوائل من الأجداد وتفاصيل وأنماط حياتهم وفكرهم وثقافتهم وعلاقاتهم: تأتي أهمية دراسة أثرهم ومآثرهم؛ لتطوير التسلسل الثقافي المعرفي للأجيال المتعاقبة منذ ذاك الحين؛ فالأسس الأولى ينبني عليها ما يأتي من ثقافات الأزمنة اللاحقة؛ ذلكم أن من المُسلَّمات أن آثار السّلف جزء من ركائز هُويّتهم وهم جزء من الأمم والشعوب على أرض الله الواسعة، ومن ثَمَّ فإن حمايتها وحفظها وتدارسها يُعد من أساسات العناية بتاريخ الشعوب وحفظه من العبث والزوال وتأسيس المتاحف المتخصصة وفتحها للزوار للاطلاع على تاريخ أسلافهم والاعتبار بما كان من شأنهم.

* قد يطرح أحد ما سؤال حول مواقع ما أتحدث عنه من حضارات جزيرة العرب والمملكة؟ فأقول باختصار لضيق المساحة: بالإمكان البحث عن تاريخ أسواق العرب مثل (عكاظ؛ ومَجنَّه بالجموم شمال مكة المكرمة؛ وذي المجاز شرقي مكة المكرمة)، وفي المملكة كذلك وهي موطن أصل العرب ومهبط الرسالات النبوية وكعبة الله المشرَّفة: يمكن البحث عن حضارات (المقر قرب وادي الدواسر؛ وعاد؛ وثمود؛ ومَديَن؛ ومملكة قيدار بدومة الجندل بمنطقة الجوف؛ وممالك لحيان؛ وكندة والأنباط؛ وقلعة تاروت؛ والحضارة الإسلامية الزاهرة؛ والدولة السعودية بمراحلها كافة) أيَّدها الله بنصره وتوفيقه.


عدد التعليقات 0
جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
لم يتم العثور على نتائج


شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

في جريدة الجرائد