موسى بهبهاني
للمرة الأولى، أحتار ماذا أكتب عنك يا فقيدتنا العزيزة «ليلى»... أتناول القلم وأقف ساكناً محتاراً كيف أصف شخصيتك النادرة.
يمكن بسبب عدم قدرتي أن أوفّي حقك بتلك السطور القليلة... ففي شهر الله، شهر الصوم الذي فرحنا بأن الله أطال في أعمارنا لإحياء هذا الشهر الفضيل، وفي منتصفه عندما احتفلنا معاً جميعاً بمناسبة القرقيعان كنتِ شعلة منيرة في تلك الليلة العائلية مع الأهل والأطفال والعائلة.
وتفاجأت في صباح اليوم التالي بالخبر المفجع بأنك قد فارقتينا راحلة إلى الحياة الأخرى... خبر وفاتك يا «ليلى» نزل عليّ كالصاعقة عندما تلقيت المكالمة التلفونية من أختك الصغرى وهي منهارة وتبكي بحرقة وتخبرني بأنك فارقتِ الحياة.
وعندما أسترجع شريط الذكريات، أجدك الطفلة الصغيرة التي كنت أداعبها، والأخت العزيزة الشابة اليافعة التي آخيتها، والمرأة الناضجة التي صادقتها.
رحلتِ عن دنيانا سريعاً تاركة لنا الانطباع الطيب والذكرى الحسنة.
أحببتِ الكل ولم يكن للكره موضع قدم في قلبك، والوفاء، والولاء للرسول الأكرم وأهل بيته الطاهرين كان ديدنك.
والله يا «ليلى» فجعنا بفراقك، وكل مَنْ عرفك أحّبك، الكبير والصغير يذكرونكِ بالخير.
ففي العزاء سمعت الكثير ممَنْ عرفك وتعامل معك يقول (الله يذكركِ بالخير).
-الأساتذة في الكلية التي التحقتِ بها ذكروا بأنك كنتِ مثالاً للأخلاق والالتزام بالحضور والتفوق على مقاعد الدراسة.
-المراجعون الذين كانوا يترددون عليكِ بالمستشفى الأميري ذكروا بأنك على أخلاق عالية في التعامل، تقدمين النصح والإرشاد والتيسير عليهم.
-الأطفال الذين أحببتِهم واحبوكِ فقدوا العمة والخالة التي نذرت نفسها لهم بالمبيت عندها بالمنزل وفي الصباح مصاحبتهم إلى مراكز الترفيه والألعاب ومن ثم إلى المطعم لتناول الطعام.
-التحاقك بالطاقم الطبي التطوعي لتقديم الخدمات الطبية بالمجان لمحتاجيها.
-التواصل اليومي مع الأهل سواء أثناء تواجدك في الكويت أو في السفر.
-أطباق الطعام الشهية التي تعدينها بنفس طيبة.
-العلاقات الاجتماعية ومشاركتك في غالبية المناسبات.
بل حتى الأحباب الذين فقدناهم وافترشوا روضة الصالحين، تقومين بزيارتهم وتضعين أكاليل الزهور والريحان والمشموم على تربتهم.
أتذكر عندما كنت سأواري جثمان الأخ والصديق العزيز (بوأمير) بالرغم من تأخر الوقت شاركتينا التشييع فى النجف الأشرف.
ومن الجدير بالذكر بأن المرحومة «ليلى» لديها طير تربى على يديها... يا سبحان الله من أول يوم من رحيلها انقطع الطائر عن التغريد والكلام وبعد مرور 7 أيام نفق الطائر.
أي شعور وأي إحساس تملكه هذه الكائنات بعكس بعض البشر الذين ينكرون الجميل!
إنما هو القدر لابد من فراق الأحبة... نتألم بسبب الفراق... ننكسر بشدة... تدمى قلوبنا... تنكسر أرواحنا وأجد نفسي أعزي نفسي وأعزي الأسرة المكلومة بفقدك يا «ليلى» والعزاء موصول لكل مَنْ عرفك بالحياة و زاملك في العمل.
ارقدي بسلام يا «ليلى» لقد تميزتِ بعفة اللسان، والتواضع، وطيبة القلب، محبة لعمل الخير، ومساعدة المحتاجين، فهنيئاً لكِ كسب القلوب ومحبة الناس... محبة أسرتك... زملائك... فتلك المحبة لا تُكتسب بالقوة ولا تُشترى بالمال... ولكنكِ نلتيها بطيب معدنك وحُسن خلقك وتواضعك.
-غيبك عنا الموت وتركتِ فراغاً كبيراً في حياتنا، رحلتي مبكراً عنا، دون وداع... رحمك الله ياعزيزتي الغالية «ليلى» ونسأل المولى عز وجل بأن يهب لنا الصبر والسكينة وينعم عليك بالجنة.
-كل الشكر والتقدير لأخي العزيز الأديب السيد / داخل سيد حسن، على تلك الكلمات النابعة من القلب في رثاء المرحومة الغالية: ليلى عبدالغفور عبدالغفار.
وَ فِي شَهْرِ الصِّيَامِ رَحِيل لَيْلَى
تَعَجَّلَتْ الْعُرُوجُ إلَى الْجِنَانِ
كَفَى يَامُوت تَخْطَفُ كُلّ بَدْر
فَو أَسَفا عَلَى تِلْكَ الْمَعَانِي
لَقَدْ أَطْفَأَتْ شَمْعتها سَرِيعا
فَرَفَقا بِالْقَوَارِير الْحِسَان
نُعَزَّى فِي الْمُصَابِ الْأَهْل جَمْعا
وَتَعْزِيَة لِمُوسَى الْبَهبهاني
«إنا لله وإنا إليه راجعون»