: آخر تحديث

عبير الكتب: عروة الصعاليك

5
3
2

(الشعراء الصعاليك في العصر الجاهلي) كتابٌ مُفيدٌ، وبحثٌ طريفٌ لـ( يوسف عبد القادر خليف) الباحث المصري في أدب الجاهلية وتاريخ العرب القديم، وكتابه هذا صدر عن (دار المعارف) الشهيرة في مصر عام 1959.

هو كتابٌ مرجعي عن كل ما يتصل بمسألة «الصعاليك العرب» تاريخاً، شعراً، أخباراً، وتفسيراً لهذه الظاهرة العربية الفريدة في جزيرة العرب قبل وفي أثناء فجر الإسلام.

بل أظنُّ أن هذه الظاهرة كانت مستمرة حتى ولادة الدولة الحديثة بعصرنا، وذاك لأنّ أسباب وجودها، لم تنقطع منذ زمن الشنفرى وعروة والسليك وتأبّط شرّاً، حتى عقودٍ قريبة.

بداية يخبرنا الأستاذ خليف عن التفسير اللغوي للصعلكة فيقول: في لسان العرب: «الصعلوك: الفقير الذي لا مال له.

جاء في الحديث النبوي عن امرأة خطبها معاوية، قول الرسول (صلى الله عليه وسلم) أمّا معاوية فصعلوكٌ لا مال له.

غير أن الصعلكة لاحقاً اكتسبت صفات أخرى، وصوراً جديدة، حين صارت أشبه بشبكة أو ظاهرة ثقافية اقتصادية اجتماعية أدبية.

حين تحّول هذا النفرُ من الناس إلى مجموعات ذات صفات وعادات وأهداف تميّزها عن سائر أفراد القبيلة، صاروا كالذئاب الجوّالة في الصحراء، وفي النهاية لابن الأثير: «يقال لصعاليك العرب ولصوصها ذؤبان لأنهم كالذئاب».

يكسبون قوتهم بقوّتهم، يؤلفون عصابات خاصة من شتى الأفراد والقبائل والناس، كما فعل «الصعلوك» قيس بن الحدّادية. لهم قواعد أخلاقية خاصّة، حتى لو كانوا لصوصاً ينهبون أموال الغير، قال أحدهم (الشنفرى) في أشهر قصيدة للصعاليك وهي «لامية العرب»:

وفي الأرضِ منأًى لِلْكَريمِ عن الأذَى

وفيها لمنْ خاف القِلَى مُتَعزَّلُ

أخلاق الصعاليك الخاصّة بهم حول شرعية السرقة:

وإني لأسْتَحْيِي لنَفْسيَ أنْ أُرى

أمُرُّ بحبْلٍ ليسَ فيه بعيرُ

أمّا عروة بن الورد العبْسي «عروة الصعاليك» فهو النجم الأشهر، وله البيت الشهير:

ذريني للغِنى أسْعَى فإنِّي

رأيتُ الناسَ شَرُّهمُ الفقيرُ

يذكر الأستاذ خليف أن من أسباب التصعلك والتمرّد على القبيلة، رفض الأعمال التافهة التي يقوم بها العاديون، يقول تأبّط شرّاً:

ولستُ براعي ثَلَّة قام وَسطها

طويل العصا غُرْنيق ضحل مُرَسَّلُ

هل الصعلكة حركة اشتراكية؟ يجيب المؤلف: «أنا لم أزعم أن ثورة الصعاليك في العصر الجاهلي كانت ثورة اشتراكية قائمة على أساس المذهب الاشتراكي كما تعرفه مجتمعاتنا المعاصرة، فمثل هذا التفسير يعد - دون شك - تعسفاً لا يتفق مع المنهجية الجامعية، فما من شك في أن هناك فروقاً جوهرية بين الاتجاهين سواء في الفلسفة النظرية أو في التطبيق العملي».

أخيراً، لقد كان لطبقة وأدب الصعاليك مكانة خاصّة، ورفيعة، عكس ما يوحي به الوصف

هذه قطرات من نبع الصعاليك، بالذْوق العربي الخالص.


عدد التعليقات 0
جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
لم يتم العثور على نتائج


شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

في جريدة الجرائد