: آخر تحديث

لماذا نحتاج الرجل العاشر؟

3
2
1

علي عبيد الهاملي

تتسارع الأحداث من حولنا وتزداد تعقيدات الحياة. في وقتٍ من الأوقات ربما يصبح التفكير الجماعي خطراً يقود إلى كوارث، لا سيما عندما يُغلق باب الشك، وتنغلق معه نوافذ الاحتمال. هنا تبرز الحاجة إلى «الرجل العاشر» الذي يحدث توازناً مطلوباً في مثل هذه الحالات والمواقف.

ثمة آراء تربط بين ظهور نظرية «الرجل العاشر» وبعض الحروب والأحداث التي وقعت في منطقة الشرق الأوسط، خلال العقود الخمسة الماضية، أدت إلى ضرورة أن يكون هناك دائماً «رجل عاشر» داخل المجموعة، دوره أن يشك، ويقاوم التيار، ويفكر خارج الصندوق، بل أحياناً ضد المنطق السائد.

«الرجل العاشر» لا يعني بالضرورة أنه على صواب دائماً. لكنه أشبه ما يكون بجرس إنذارٍ قوي، يُنذر باحتمال أن يكون العقل الجمعي في طريقه إلى الهاوية. وجوده يُجبر المجموعة على إعادة النظر، على التمهل، على اختبار الفرضيات ومساءلتها.

من المفارقات العجيبة التي نجدها في المجتمعات المختلفة أنها في كثير من مراحلها التاريخية كانت تعاني من غياب هذا «الرجل العاشر». فقد سادت ثقافة التبجيل، وندر وجود الاختلاف الإيجابي داخل دوائر القرار، فكانت النتائج كارثية في كثيرٍ من الأحيان.

علينا أن نُربّي أبناءنا على احترام المخالف، لا تهميشه، وعلى طرح السؤال، لا تلقّف الجواب فقط. فالرجل العاشر ليس عدواً للقرار، بل هو حارسه الأخير. الرجل العاشر ليس متمرداً، بل هو ناقد محب وعين ثالثة تنظر من زاوية مختلفة. هو من يقف على حافة الطاولة ويقول: «ربما هناك زاوية لم نرها بعد».

عندما يعلو صوت الضجيج تكون قيمة الصمت الناقد مضاعفة، وفي زمن الوفرة المعلوماتية، يكون للتشكيك الذكي دور مهم ومؤثر وضروري. لهذا، نحن لا نحتاج وجود «الرجل العاشر» فقط، بل نحتاج أن نكون «الرجل العاشر» نفسه، كلّ من موقعه، ليس تشكيكاً في رأي الجماعة أو انتقاصاً منه، ولكن من باب الاحتياط، فقد علمتنا التجارب أن الاحتياط واجب، وأن الاحتفاظ بخطٍ للرجوع خيرٌ من قطع كل الخطوط.


عدد التعليقات 0
جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
لم يتم العثور على نتائج


شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

في جريدة الجرائد