يقول أحد الشباب: إذا فتحت الجوال وتنقلت بين محتوياته ينتابني القلق وأشعر أن الحرب العالمية على الأبواب، وإذا هجرته شعرت بالراحة النفسية، ووجدت الوقت للأحاديث الاجتماعية والعلاقات الأسرية.
تلك ملاحظة تفتح المجال للحديث عن بعض مسببات القلق والتوتر. من هذه الأسباب تركيز اهتمام الإنسان على السلبيات والأخطاء والحوادث حتى تتحول إلى عادة، تثبت تلك السلبيات أو الأخبار المزعجة في ذهن الإنسان فينقلها إلى الأسرة وزملاء العمل ومجالس الأصدقاء فتصبح هي الموضوعات المسيطرة على الاجتماعات وتكون أيضا أحد مسببات الأرق. يندرج تحت موضوع القلق ازدحام وسائل التواصل بالنصائح والتحذيرات الطبية المتناقضة!
قرر مجموعة من الأصدقاء في أحد اجتماعاتهم الحديث عن الأشياء الإيجابية في حياتهم كأفراد وفي المجتمع بشكل عام، وفتحوا صفحة للأدب والشعر والقصص الجميلة والمواقف الطريفة في هذا المجال، الجلسة جمعت بين الفائدة والمتعة.
الوضع الطبيعي أن الأشياء السلبية لن تختفي؛ لكن الوضع غير الطبيعي هو أن تسيطر السلبيات والانتقادات على أحاديث الناس في الاجتماعات الرسمية أو الاجتماعية أو الأسرية.
أحد مسببات القلق نظرة التشاؤم التي لا ترى غير المناظر المزعجة ولا تقرأ إلا الأخبار السيئة. يحضرني الآن ويقاطعني هذا السؤال، لماذا لا تبدأ نشرات الأخبار بالأخبار الجميلة في المجالات العلمية والاجتماعية والطبية؟
ومن مسببات القلق تفرغ الإنسان لممارسة الانتقاد، ليس النقد الذي يبرز الإيجابيات أولا ثم يتطرق للجوانب التي تحتاج إلى تطوير والمشكلات التي تحتاج إلى حلول. القلق لا ينتج عن النقد الموضوعي وإنما مصدره أن تكون مهمة الإنسان البحث عن السلبيات والأخبار المزعجة ونشرها بطريقته الخاصة في المجالس وعبر وسائل التواصل الاجتماعي، نقول بطريقته الخاصة التي تشبه أداء بعض المذيعين والمحللين في قراءة وتحليل الأخبار، هي طريقة تضيف بعض البهارات ومنها المقدمات الحماسية التي تجذب انتباه المتلقي وقد يتضح لاحقا أن تلك الأخبار مجرد إشاعات، وأن التوقعات هي مجرد أمنيات.
لا تتحقق المتعة والفائدة في جو من القلق والتوتر، ولن يخلو العالم من أخبار جيدة وأخبار عكس ذلك، المهم هو كيفية التعامل مع ظروف الحياة المتغيرة سواء على مستوى الأفراد أو المجتمعات.. هناك من تؤثر عليه عوامل خارجية ليس له سيطرة عليها تكون سببا في قلقه، وهناك من يبحث عن مسببات القلق ونتائج القلق فيعمل على نشرها وكأنه يبحث عن شريك في القلق، وكأنه يجد في ذلك متعة، ولكنها متعة كلها أضرار.

