: آخر تحديث

حماس.. حذارِ من خطأ جديد!

3
3
3

خالد بن حمد المالك

تعاملت أمريكا وإسرائيل مع عقد مؤتمر حل الدولتين وقراراته بالرفض، واستقبلته حركة حماس برفض تسليم سلاحها، بما يشبه الاصطفاف مع موقف أمريكا وإسرائيل، وهي بذلك ترتكب خطأ تاريخياً، وتفوِّت استثمار اعترافات العالم بالدولة الفلسطينية، والزخم الذي حرَّك قضية فلسطين من جديد.

* *

تعلم حماس أن أحداث السابع من أكتوبر عام 2023م أضرّت بالقضية الفلسطينية، وبحلم قيام الدولة الفلسطينية أكثر مما أفادتها، فمن جهة قُتل من الفلسطينيين عشرات الآلاف والجرحى تجاوز عددهم الـ100 ألف جريح، ودُمِّر من قطاع غزة ما يصل إلى 90 % من مساحتها، واحتلت إسرائيل أجزاءً كبيرةً منها، وقُوِّضت القوة الداعمة لحماس، والمقصود هنا إيران وحزب الله.

* *

ومن نتائج أحداث السابع من أكتوبر، أن أمريكا والدول الأوروبية دخلوا أطرافاً في الحرب، مناصرين وداعمين لإسرائيل من خلال السلاح الذي استخدمته في قتل قيادات حماس واحداً بعد الآخر، ومثل ذلك قيادات حزب الله، وقيادات إيرانية، ولم يبق أمام حماس ما تفاوض عليه بعد أن ضيّقت إسرائيل الخناق عليها، ومنعت حتى الغذاء عن السكان، وسيطرت على كل المعابر لمنع الدخول والخروج منها، إلا الرهائن الذين يتم التفاوض عليهم لإيقاف الحرب، وهو ما ترفضه أمريكا وإسرائيل.

* *

ومع ما عجزت عنه الحروب، والقتال الدامي، والتضحيات الكبيرة، ها هو وميض من أمل يُطل لمعالجة القضية الفلسطينية سلمياً، بانتزاع اعترافات من دول غربية كانت ترفض إقامة دولة فلسطينية، مجاراة لسياسة إسرائيل وأطماعها، وذلك بمبادرة المملكة مع فرنسا بتنظيمهما مؤتمر حل الدولتين، والتي توالت وفق نتائجه اعترافات الدول الغربية لأول مرة في التاريخ، ونص المؤتمر ضمن قراراته تجريد حماس من سلاحها، واستبعادها من أن تكون جزءاً من إدارة الدولة.

* *

أتمنى أن يتصرَّف مسؤولو حماس بعقل وحكمة، وتفضيل قيام دولة فلسطينية على الاهتمام باستمرار الحركة في القتال فيما لا يخدم القضية الفلسطينية، والقبول بما اتفقت عليه الدول في المؤتمر، وتسليم مسؤولية إدارة القطاع لجهة فلسطينية تُحسن التصرّف، وتأخذ بالمتاح، لا أن تُفرّط بكل ما هو ممكن ومُتاح، حقناً للدماء، وإحلال السلام والاستقرار بين جموع الفلسطينيين.

* *

لقد بذلت المملكة جهداً لم تقم به دولة أخرى في العالم لحفظ حقوق الفلسطينيين، والدفاع المتواصل لتحقيق مطالبهم وأمانيهم، وهي إذ تنجح في عقد هذا المؤتمر، وتشاركها فرنسا في رئاسته، فإن النجاح الحقيقي سيكون في اكتمال دول العالم باعترافاتهم بدولة فلسطينية بما فيها الولايات المتحدة الأمريكية، حتى مع رفض إسرائيل القبول بذلك، لأنها في موقفها لن تكون في حماية أحد.

* *

وحذارِ أن ترفض حماس تسليم سلاحها، حذارِ أن ترفض الانسحاب من قطاع غزة، وعدم القبول بأن لا تكون جزءاً من تنظيم الدولة، لأنها بذلك كما لو أنها تصطف مع أمريكا وإسرائيل في رفض قيام الدولة الفلسطينية، وتُعرقل مخرجات مؤتمر حل الدولتين، مثلها مثل واشنطن وتل أبيب، وتعطي مبرراً للثنائي أمريكا وإسرائيل لافتعال سبب لعدم القبول بدولة فلسطينية، اعتماداً على موقف مسؤولي حماس.

* *

إن دخول السلطة الفلسطينية بديلاً عن حركة حماس في إدارة قطاع غزة إلى حين الترتيب لقيام الدولة الفلسطينية، مع كل ما هو متوقَّع من تحديات، هو الخيار الأفضل والمناسب لإفشال أي مبررات وادعاءات تتحصَّن بها إسرائيل وأمريكا لرفض مشروع الدولة الفلسطينية، فلا نُريد أن تكون حماس حجة لإفشال الجهد الذي تقوم به المملكة لانتزاع حقوق الفلسطينيين، بمثل ما قامت به في الماضي وتقوم به الآن، ولحماس حق طلب الضمانات التي تحقق ما توصل إليه المؤتمر حتى تنفذ ما هو مطلوب منها.


عدد التعليقات 0
جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
لم يتم العثور على نتائج


شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

في جريدة الجرائد