: آخر تحديث

نكران الغزو العراقي

4
2
3

أطفأ التاريخ الشمعة الخامسة والثلاثين للغزو العراقي للكويت، ولم نلحظ ضوء ذكرى واحدة، وشعاعها، لأن الذكرى تأتي وترحل من دون اهتمام رسمي، أو تصريح، أو بيان على عكس بهرجة احتفالات التحرير، وبذخها! كارثة الغزو العراقي للكويت عصفت بالقيم الإنسانية، والإسلامية، والمبادئ، والقواعد الدولية، فقد زلزلت محنة الغزو الضمير العالمي، الذي وقف مع الكويت منذ اللحظات الأولى من الغزو. وتعبيراً عن المسؤولية الأخلاقية، وقف المجتمع الدولي مع الشرعية الكويتية، وساندها حتى آخر لحظات التحرير، وإعادة بناء الكويت، انتصاراً لمبادئ العدالة، والكرامة، وحقوق الإنسان، ولم يكن الموقف الدولي ضميرا انتقائيا يخضع لموازين المصالح، والنفوذ. قد يكون أحد العناصر الجوهرية في استمرار حالة التوتر، والكراهية، من بعض المجاميع السياسية العراقية ضد الكويت، هو عدم توثيق الكويت كل عام ذكرى الغزو، والتنقيب في آثاره الدموية، واللا أخلاقية، والدمار، لكي تعم فائدة الإعادة، ففي الإعادة إفادة. بطبيعة الحال، الاحتفاء بذكرى الغزو العراقي، واحياؤها ليس تعبيراً عن الهزيمة، والانتصار، فمن دون شك، الكويت انتصرت، وشرعية قيادتها السياسية، وحصدت تأييد المجتمع الدولي، من دون التقليل من دور، وقيمة، الالتفاف الشعبي حول قيادته، ومقاومة الاحتلال العراقي.

الحقيقة أن العالم كله، باستثناءات دول عربية قليلة، وقف مع الكويت نظاماً، وشعباً، واتحد العالم حول التحرير بقوة القانون الدولي، لأن الكويت دولة مؤسسات، احتضنت مجلس الشورى في العام 1921، والديمقراطية، وحتى ولادة الدستور في العام 1962. والكويت بصفتها الضحية للعدوان العراقي، من حقها أن تستحضر ذكرى الغزو، وتخاطب العالم، والجار الشقيق العراق، بهذه الذكرى الأليمة على الشعب الكويتي. ما يثير الحزن، والعتب هو غياب اهتمام رسمي كويتي بذكرى الغزو، وعدم استثمار الحكومة ضمائر، وعقول عراقية حكيمة، ومعتدلة من أجل إعادة ترتيب الأوراق السياسية، والإعلامية بين البلدين. وأيضا، العتب في عدم تصدير الكويت لدروسها، وتجاربها المستفادة من الغزو إلى للدول الشقيقة والصديقة، وكذلك الحليفة التي وقفت مع الكويت إبان كارثة الغزو!

الآليات، والنوافذ، الإعلامية والثقافية، موجودة في الكويت والعراق، ويمكن استثمارها على نحو بناء، وحكيم لمعالجة حالة الازدواجية، والانفرادية التي تطفو على السطح من حين إلى آخر. ويمكن استثمار المؤسسات، الإقليمية والدولية، في عملية ترسيخ علاقات متينة بين الشعبين الكويتي والعراقي. كلما جاءت ذكرى الغزو، برزت الى الواجهة السياسية، حالة من النكران، أو شيء من عدم الاعتراف بالاحتلال العراقي، وهو تفسير سياسي خاطئ في التعامل مع الذكرى، التي سطر الشعب الكويتي خلالها ملاحم بطولية، والتف حول قيادته الشرعية.

حالة الفوضى السياسية والاعلامية، تحتم مواجهة عقلانية، وليس نكران، أو تناسي، وتجاهل الغزو العراقي، وآلامه وأحزانه، فالكويت لديها قصة سياسية، وشعبية، لترويها وترددها على العالم، وإلى الأشقاء في العراق. تجاوزت الكويت الغزو العراقي، ببطولة شعبية، وثبات القيادة الشرعية، وينبغي أن تتوقف النظرات الخجولة إلى ذكرى الغزو، فقد انتصرت الكويت، ونظامها السياسي، وشعبها على قوة الاستبداد، والغدر التي قادها المقبور صدام حسين، وأيده ياسر عرفات رئيس منظمة التحرير الفلسطينية وآخرون
 


عدد التعليقات 0
جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
لم يتم العثور على نتائج


شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

في جريدة الجرائد