: آخر تحديث

كابتن «الكويتية» الحنون

2
4
3

اعتقدت أن وقتاً طويلاً سيمر قبل العودة إلى الكتابة عن «الكويتية»، لكن رسالة من قارئ، اطلع على مقالي الأخير عنها، بطبعته الإنكليزية، في صحيفة The Arab Times، إضافة إلى مقابلة مع كابتن طيار سابق في «الكويتية»، أعادتاني إلى الكتابة عن الشركة مجدداً.

يقول القارئ الأوروبي: اطلعتُ على مقالك عن «الكويتية» في «العرب تايمز»، وقدّرت قيمته، وأعجبتني قصة الحصان الميت. كلامك كان مثيراً للاهتمام بالنسبة لي كمسافر دائم، وكعامل في مجال الطيران، وأكتب لك لأبدي الملاحظة التالية: يجب التعلّم من دروس دول مجلس التعاون الأخرى، فشركاتها تحقق أرباحاً عالية، وتتمتع بكفاءة واضحة، وأنا أتعامل معها، وجميعها لديها رؤساء تنفيذيون وإدارات محترفة يتمتعون بخبرات واسعة في إدارة شركات الطيران، ينتمون إلى جنسيات أجنبية متعددة. والحقيقة لا عمل عالمياً، حِرَفيٌّ، كنشاط شركات الطيران، لذا يجب أن تكون إدارته عالمية في فكرها وخبراتها. أفهم أن هذا قد يتعارض مع «التكويت»، لكن إذا أرادت الحكومة التوقف عن ضخ الأموال في شركة طيران غير مربحة، في الوقت الذي تحقق فيه بقية شركات الطيران في الخليج أرباحاً بالمليارات، وتتمتع بسمعة طيبة بفضل كفاءتها العالية، وتعمل في مطارات عالية الجودة تحظى بتقدير العملاء، فإن الحل الوحيد هو أن تُدار من قبل محترفين يتبعون قواعد العمل فقط.

رددت عليه بأنني أتفهم وجهة نظره، وسبق أن نصحت أكثر من رئيس لـ«الكويتية» بالسعي لدى الحكومة إلى تعديل الأنظمة، التي تمنع الاستعانة بخبرات أجنبية عالية، ولو لفترة مؤقتة، إلى حين تدريب CEO كويتي قادر على الاستمرار في إدارة الشركة بكفاءة عالية، قبل أن ينتهي عقد «الخبير الأجنبي». هكذا فعلت البنوك الكويتية، وعاصرت شخصياً مرحلتَي الخبرات الأجنبية والكفاءات الكويتية. فقد كانت كل إدارات البنوك، في البداية، إما أمريكية وإما بريطانية وإما فرنسية، ومع الوقت أصبح هناك، مع الوقت وبالتدريب، العشرات من الكفاءات الوطنية المميزة، أذكر منهم الأساتذة: يوسف العوضي ويوسف الحسيني وعبدالله السميط وعادل الماجد وعماد الصقر ووليد مندني، وغيرهم، مع الاعتذار لمن لم تسعفني الذاكرة على تذكّر أسمائهم.

* * *

من جانب آخر، استمعت إلى مقابلة بودكاست مع كابتن سابق، قال فيها رداً على سؤال مقدِّم الحلقة عن سبب هبوط مستوى شركتنا الوطنية مقارنة بالخليجية، فرد، لا فض فوه، أنه عمل في «الكويتية» طياراً لـ42 عاماً، وأن حضن الشركة مليء بالحنان والحب والعطاء، وإنها ليست شركة أرباح، بل شركة خدمات، وضرب مثالاً على ذلك بحوادث وكوارث طبيعية وقعت في دول عدة تصادف وجود مواطنين عالقين فيها، ففزعت لهم «الكويتية» وأعادتهم إلى الوطن.. مجاناً! وأضاف أن «الكويتية» هي الشركة الفضلى في الخليج، وسجلها خالٍ من الحوادث، بعكس الشركات الخليجية الأخرى؟!

نسي أو تناسى الأخ الكابتن أن كلامه يتضمّن إساءة إلى سمعة وسجل السلامة للشركات الخليجية الأخرى. واتهمها، ضمناً، بأنها بلا «حب وحنان وعطاء»، وأنها لا تقوم بالتحرّك لنجدة مواطنيها إن علقوا في دولة ما، كما أخطأ في مقارنة سجل سلامة «الكويتية» بسجل غيرها من الشركات الخليجية، وكأنه يتهمها بالإهمال، علماً بأن المقارنة غير عادلة ولا واقعية، ولا هي لمصلحته، فمن الطبيعي أن يكون هناك فرق بين أداء وسلامة شركة تمتلك 20 أو 30 طائرة بأخرى تمتلك المئات.

«الكويتية» ناقلنا الوطني، ونتمنى أن تكون الأفضل، وخصخصتها، أو إعطاء مجلس إدارتها ما يحتاج إليه من مرونة، لتوظيف خبرات عالمية لإدارتها، من دون تدخلات لا معنى لها من الوزير المعني، هو ما تحتاجه.


أحمد الصراف


عدد التعليقات 0
جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
لم يتم العثور على نتائج


شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

في جريدة الجرائد