موسى بهبهاني
ذكرنا في الجزء الأول من المقالة، ان الكويت تبوأت المراكز الأولى في الدورات الخليجية، وانطلقت إلى البطولات الآسيوية والأولمبية والعسكرية، وتوّجت تلك المسيرة الحافلة بالوصول إلى نهائيات كأس العالم عام 1982 في إسبانيا.
بالتأكيد كانت تلك المسيرة بتكامل التعاون التام بين الحكومة والقائمين على الرياضة في دولتنا بدءاً من المدارس، مراكز الشباب، الساحات الترابية والأندية، حيث كان العمل تكليفاً لا تشريفاً، واللاعبون لديهم الروح المعنوية العالية لتحقيق تلك النجاحات المتلاحقة.
فما الذي حدث!!!
أصبحنا في تراجع مستمر لسنوات عديدة، فبعد أن كانت الدول الشقيقة والصديقة والأجنبية تتخوف من لقائنا كروياً أصبحنا لا نشكل لهم أي هاجس ونتلقى الهزائم من أقل المنتخبات شأناً.
نتساءل من المسؤول عن ذلك التراجع؟
هل السبب هو: القوانين والتشريعات؟ الملاعب الرياضية؟ التمويل؟ الاتحاد الرياضي؟ اللجنة الأولمبية؟ الصراع على الهيمنة الرياضية؟
- نلاحظ أن المشهد الرياضي المحلي يعاني من أزمة مستمرة بين قطبين، وأدى ذلك إلى نتائج مخيبة للآمال في جميع البطولات القارية.
القاعدة العامة تنص على أن الرياضة تدار في العالم عن طريق المجتمع، أي عن طريق الأندية الأهلية، والنظام العالمي يمنع التدخل الحكومي!
أي ان المشكلة الرئيسية هي في الجمعيات العمومية للأندية والاتحادات واللجنة الأولمبية...
ما يعني أن أعضاء مجالس إدارات الأندية هم من يختار أعضاء الاتحادات، وقد يكون سوء الاختيار واردا (هذا ولدنا - محسوب على طرف أو توجه أو تيار - ما نوصيك عليه...)!
- وان تدخلت الحكومة في عملية الإصلاح، تقوم الاتحادات أو الأندية الرياضية إلى تقديم شكوى إلى المجلس الرياضي الدولي وعلى اثرها يتم إيقاف مشاركات المنتخبات الوطنية كما حصل قبل سنوات مضت!
وللأسف مجالس إدارات الأندية الرياضية هم من يدير المشهد، حيث يتم تسجيل الأعضاء المحسوبين عليهم في الجمعية العمومية وشطب من يخالف توجهاتهم، وبذلك يتم ضمان بقاء أعضاء مجلس الإدارة المستمر في إدارة النادي!
حيث تحولت الأندية إلى شركة مغلقة للعائلة!!!
ناهيك عن دورهم في اختيار رؤساء الاتحادات واللجنة الأولمبية بل وحتى اختيار اللاعبين!
إذاً الخلل يبدأ من الأندية الرياضية!
- الحال في الوضع الرياضي الحالي أن الكثيرين منهم يعملون لأهداف شخصية -وجاهة -سيطرة - أهداف انتخابية.
الروح الرياضية:
كلمات فيهما أروع المعاني، فحتى ان اختلفنا مع بعضنا البعض فيجب أن نستخدم قاعدة «التحلي بالروح الرياضية»، فيها نتجاوز الخلافات ونحطم حاجز العصبية واحترام الخصم ونبتعد عن الكلمات الجارحة، فمن أخلاقيات الرياضيين التحلي بالروح الرياضية الأخوية.
وللأسف فقدت هذه الكلمات معانيها السامية وتم التطاول والتجاوز والمشاجرات بين اللاعبين في الكثير من الحالات وللأسف وصل التطاول إلى المسؤولين عن الرياضة!
وتكرر هذا المشهد مراراً وتكراراً، بل وصل للمنصة الرئيسية... تطاول وتدافع وتبادل الضرب بين الإداريين المسؤولين عن الرياضة!
ولولا تواجد رجال الأمن لحصل ما لا تحمد عقباه.
فهؤلاء يجب أن تطبق عليهم الجزاءات المغلظة كونهم من القياديين ليكونوا عبرة للآخرين.
وقد يتكرر هذا الأمر مرة أخرى - فمن أمن العقوبة أساء الأدب.
«الرياضة تجمعنا ولا تفرقنا»
تعلمنا في الزمن الماضي أن الرياضة هي المنافسة الشريفة وتقبل الهزيمة... وما يحدث الآن من بعض القائمين على الرياضة سيؤدي إلى ضياع أجيال تبحث عن مثل أعلى وقدوة فلا تجد بعد ذلك غير من يهتم بالفوز والمصلحة الشخصية فقط ويمحي الأهداف السامية والأخلاق العالية والتحلي بالروح الرياضية والتي هي الأساس الذي وضعت الرياضة من أجلها.
أمر غريب؟
- الحكومة تقوم بإشهار الأندية وبناء المنشآت الرياضية وتقديم الدعم المالي السنوي، ومع كل ذلك لا تتمكن من التدخل بالشأن الرياضي فما هو الحل إذاً؟
الحل من وجهة نظرنا :
- الحكومة تأخذ بزمام الأمور للعودة إلى الاهتمام بالقواعد الرياضية بدأ من المدارس - مراكز الشباب - الملاعب الترابية التي ضمت إلى العقارات المجاورة لها من دون وجه حق.
- الحكومة تحدد الأولويات والهدف وتمهد الطريق لتحقيق ذلك، و من مهامها فرض برنامجها لإصلاح الشأن الرياضي.
- تشريع قانون جديد يحدد الأهداف والأولويات في النهاية الحكومة هي الداعم الرئيسي في الاهتمام بالشباب وخاصةً الرياضيين ولذلك دورها أساسي في تطوير هذا القطاع.
أي أن الحكومة تحدد الهدف والمسؤولون الرياضون يعملون جاهدين لتنفيذ ذلك.
- الاتحادات الرياضية تعمل على تحقيق تلك الأهداف وليس التفرد في اتخاذ القرارات خارج نطاق الدولة، ومن يتعدى حدوده ويتجرأ بإرسال شكوى ضد دولته تجب محاسبته حساباً عسيراً.
- قانون الرياضة لسنة 2017 سحب صلاحيات الدولة في محاسبة تجاوزات الأندية علما بأنها ملكية خاصة بالدولة!
ولذلك يجب تصحيحه وتعود الرياضة إلى حضن الدولة، ويتم تقليص دور الأندية وأعضاء الجمعيات العمومية بحيث يكون المنتسب لها من الرياضيين الحالين والسابقين فقط.
- يجب تغيير تركيبة الجمعيات العمومية والأنظمة الأساسية للأندية لتكون:
- فترة العضوية لكل دورة تكون 3 سنوات فقط.
- تحديد فترة دورتين لكل عضو في مجلس الإدارة.
وبذلك يتم كسر حاجز الاحتكار، وننأى عن الأمور المثيرة للشك مثل (المال السياسي، المنافسة غير المحمودة) وبذلك نفتح باب المنافسة الشريفة بين الرياضيين ونغلق بقية الأبواب أمام كل من له مآرب أخرى.
- تشكيل لجان من الرياضيين المخضرمين لتصحيح الوضع الرياضي والتخطيط إلى تحقيق الرؤيا والأهداف.
- تخصيص أنشطة محددة لكل نادٍ و بذلك تقل عدد الأنشطة المتعددة ويكون التركيز والاهتمام أكثر على عدد محدد من الألعاب في كل نادٍ وبذلك يرتقي مستوى اللاعبين.
- فتح أكاديمية حكومية بإشراف اللاعبين القدامي لتأسيس جيل رياضي يتميز بالروح الرياضية والالتزام بالتدريب بهدف رفع اسم الكويت في المحافل الدولية.
- وضع برنامج زمني بالتعاقد مع أكفأ المدربين، وحتى وان اضطررنا الى إيقاف المشاركات الدولية لفترة من الزمن، لحين تأسيس فريق مؤهل فنياً من الشباب.
- الدعم المالي السنوي و المكافآت المالية تكون على حسب الانجازات والبطولات التي يحصدها النادي.
ملاحظة:
حتى وان تم تخصيص الأندية الرياضية فمن يدير تلك المنشآت لا يخرج عن نطاق القانون، وليس من حقه التصرف والانفراد بالقرار فهو ينفذ البرنامج الحكومي للارتقاء بالشباب الرياضي.
- التعاون مع الأشقاء في دول الخليج كالسعودية وقطر حيث قفزت مستوياتها الرياضية إلى العالمية.
- ونظمت دولة قطر مسابقة كأس العالم السابق بنجاح تام، وكذلك السعودية ستستضيف بطولة كأس العالم في عام 2034.
أخيراً:
الرياضة أخلاق وروح رياضية وتنافس شريف فيجب الابتعاد عن الخصومات والتناحر على المراكز. فالهدف هو الارتقاء بالرياضة والشباب والوطن.
وَإِنَّمَا الأُمَمُ الأَخْلاقُ مَا بَقِيَتْ
فَإِنْ هُمُ ذَهَبَتْ أَخْلاقُهُمْ ذَهَبُوا
اللهم احفظ الكويت آمنة مطمئنة، والحمدلله رب العالمين.