: آخر تحديث
58000 قنبلة موقوتة:

ماذا لو انفجر إرث داعش في وجه العالم؟

2
2
2

في شمال وشرق سوريا، يقبع 58 ألف إنسان في مخيمات مغلقة، بينهم نساء وأطفال ومقاتلون سابقون، ينتمون إلى أكثر من 64 جنسية. وهؤلاء ليسوا مجرد نازحين، بل هم عائلات تنظيم داعش الأرهابي، أولئك الذين حملوا إرث الخلافة المنهارة، ويعيشون اليوم في فراغ قانوني وأخلاقي يهدد العالم بأسره. فهل تتحمل الدول مسؤولية مواطنيها؟ أم أن العالم يفضل ترك هذه القنبلة الموقوتة تنفجر في المستقبل القريب؟

الجنرال مظلوم عبدي، قائد قوات سوريا الديمقراطية، يقف على رأس الإدارة الذاتية التي تحاول التعامل مع هذا الملف المعقد بكثير من المسؤولية، فبينما يشدد على ضرورة إيجاد حلول دولية عادلة، يبقى الواقع أشد تعقيداً. للأمانة، هذا الملف يديره رغم خطورته كورد سوريا نيابة عن العالم، رغم أنه مسؤولية الجميع ورغم ضعف الإمكانيات؛ تخيل انك يجب أن توفر طعاماً وعلاجاً وسكناً لنحو 58 ألف إنسان في أوقات الحرب! بعض الدول اختارت استعادة مواطنيها، ولكن الكثير من الدول ترفض استقبالهم، مما يجعل المخيمات بمثابة حاضنة جديدة للإرهاب، حيث تنتشر أفكار التطرف كالنار في الهشيم. الأطفال الذين وُلدوا في هذا الظلام، والنساء اللواتي لا يعرفن إلا فكر التنظيم، والمقاتلون الذين ما زالوا يحلمون بالعودة إلى ساحة المعركة، كلهم يشكلون جيشاً غير مرئي قد يتحرك في أي لحظة.

الملف القانوني لهذا الإرث الشائك يقف عند مفترق طرق. هل يجب محاكمتهم دولياً في أماكن احتجازهم، أم إعادتهم إلى أوطانهم لتحمل مسؤوليتهم؟ بعض الدول، مثل الولايات المتحدة وفرنسا، استعادت أعداداً محدودة، بينما دول أخرى، كالمملكة المتحدة، جردت مواطنيها الدواعش من جنسياتهم لتجنب مسؤولية إعادتهم. هذا التناقض في التعامل يعكس حقيقة واحدة: لا أحد يريد أن يتحمل عبء هذا الملف، لكنه في الوقت ذاته لا يمكن أن يظل بلا حل.

إقرأ أيضاً: شجرة تينيري والسودان والسائق المخمور

لكن ماذا عن المستقبل؟ في عالم يتغير بسرعة، حيث تتحول الصراعات وتعيد تشكيل التحالفات، يظل ملف داعش جرحاً مفتوحاً لم يلتئم بعد. هذه العائلات التي تعيش الآن في عزلة، قد تكون نواة لجيل جديد من المتطرفين، أكثر عنفاً، وأكثر نقمة على العالم. المخيمات قد تصبح معامل لصناعة الكراهية، حيث ينشأ الأطفال دون هوية واضحة، بلا تعليم حقيقي، وبلا أفق سوى الانتقام.

ماذا لو نجحت مجموعة منهم في الفرار؟ ماذا لو تمكنوا من تنظيم أنفسهم، كما فعل قادتهم السابقون؟ ماذا لو تحولت هذه المخيمات إلى خلايا نائمة تنتظر اللحظة المناسبة؟ الإرهاب لا يحتاج إلى جيوش ضخمة، يكفي أن يكون هناك فكرة، وشخص مستعد لتنفيذها. في عصر التكنولوجيا والتواصل الفوري، قد يولد (داعش جديد) ليس كتنظيم تقليدي، بل كشبكة لا مركزية، حيث لا حدود ولا قيود، وحيث الفوضى الرقمية تمنح الإرهابيين أدوات جديدة أكثر خطورة مما كان متاحًا في 2014.

إقرأ أيضاً: 2050: هل سيكون الذكاء الاصطناعي خادماً أم سيداً؟

هل نحن مستعدون لترك هذه القنبلة تنفجر مجدداً؟ أم أننا سنبحث عن حل قبل أن يفوت الأوان؟


عدد التعليقات 0
جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
لم يتم العثور على نتائج


شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

في كتَّاب إيلاف