لم يعد خافياً على أحد الدور الكبير الذي يلعبه الرئيس الروحي لطائفة الموحدين الدروز في إسرائيل، الشيخ موفق طريف، على صعيد الحفاظ على دور الطائفة في منطقة الشرق الاوسط بعد التغيرات الكبيرة التي حدثت في الأشهر الأخيرة.
الشيخ طريف، وبعد أيام قليلة من سقوط نظام بشار الأسد، وفي اجتماع موسع للمسؤولين الدينيين والسياسيين، قال صراحة: "في ظلّ ما يمرّ على إخواننا في سوريا من مرحلةٍ مصيريّة ضبابيّة، لا بُدّ من التّأكيد على الدّور الأساسيّ والمركزي للطّائفة الدّرزيّة في تاريخ سوريا، خلال الماضي والحاضر والمستقبل، مع رسوخ اليقين أنَّ سوريا لن تنعم يومًا بالهدوء والطّمأنينة إذا لم تُحفظ مكانة الطّائفة وكيانها مع حقوقِ أبنائها في قُراهم وتجمّعاتهم السُّكّانيّة، بدءًا من السّويداء وجرمانا والإقليم وجبل السّمّاق".
إهتمام الرئيس الروحي لدروز إسرائيل بملف "إخوتهم" في سوريا لم يبدأ منذ سقوط النظام، فالمعلومات تشير إلى أنَّ رسائل تحذيرية إقليمية ودولية وصلت إلى الرئيس السوري المخلوع بشار الأسد عقب الاحتجاجات التي انطلقت في محافظة السويداء عام 2023، وتضمنت تهديداً واضحاً ومباشراً لنظامه بحال أقدم على التعرض للمحتجين في المحافظة، أو تم التعامل معها بالبراميل المتفجرة كما حدث في مدن أخرى بسوريا، وقبل ذلك لعب دوراً كبيراً في تقديم الدعم الإنساني لدروز بلاد الشام.
إقرأ أيضاً: رئاسة عون وأفول "الشيعيّة السياسيّة" في لبنان
وبالرغم من الحملات الإعلامية التي تتعرض لها طائفة الموحدين في سوريا، والاتهامات التي تُساق بحقها لجهة الرغبة بالاستقلال أو الانفصال، والغمز من قناة دعم الشيخ طريف للدروز هناك، غير أنَّ الواقع غير ذلك، فالرئيس الروحي لدروز سوريا، الشيخ حكمت الهجري، أعلن مراراً أنَّ الدروز جزء من الشعب السوري ويريدون الحفاظ على وحدة الأراضي السورية، وضرورة تمثيل جميع المكونات، ويجاريه في هذا الموقف الشيخ طريف، الذي لا يضع شروطاً مقابل موقفه الداعم لهم إلى أبعد حدود، فرجال الدين الدروز أينما كانوا في الشرق الاوسط ينطلقون من مقولة "حفظ الإخوان"، وهو قال صراحة "إنَّنا نقف صامدين صادقين لخدمة إخواننا ومشايخنا وأهلنا في سوريا وفي كلّ مكان، إقليميًّا وعالميًّا، عملًا بالفريضة الأخلاقيّة الدّينيّة المتمثّلة بحفظ الإخوان. نساندهُم مساندةَ الإخوة في الإنسانيّة والمبادئ والدّين، دون التّدخّل بشؤونهم الدّاخليّة الخاصّة، الّتي هي حكرٌ عليهم وعلى قياداتهم الّتي نثقُ بها وببُعد نظرتها إلى أبعد الحدود".
واستكمالاً للجهود التي يبذلها فيما يخص الملف السوري، زار الشيخ طريف الولايات المتحدة الأميركية في الأيام الأخيرة، حيث التقى بأعضاء في مجلس الشيوخ الأميركي، وكبار المسؤولين في الإدارتين الراحلة والقادمة، إضافة إلى الأمين العام للأمم المتحدة، واللافت كان في أن الرئيس الروحي لم يتناول فقط ملف الطائفة الدرزية، بل دعا "إلى ضرورة إقامة نظام ديموقراطيّ يحفظ حقوق الإنسان الأساسيّة، ويتماشى مع معالم الدّولة المدنيّة الّتي تضمن حفظ حقوق كافّة سكّان سوريا على اختلاف انتماءاتهم ومناطق سكنهم".
إقرأ أيضاً: هل يسقُط الجولاني في امتحان السويداء؟
وبلا أدنى شك، فإنَّ الدور البارز الذي يلعبه الشيخ طريف على صعيد المنطقة يأتي استكمالاً للدور الذي يلعبه والدروز في إسرائيل وعلاقتهم مع جميع المكونات، فتاريخيّاً قام الدروز بدور كبير في استقبال عشرات الآلاف من اللاجئين في ثلاثينيات وأربعينيات القرن الماضي، وفتحوا بيوتهم لهم، بحيث أنَّ بعض البلدات الدرزية الصغيرة التي لا يتجاوز عدد سكانها المئات احتضنت آلاف اللاجئين ليكون لها مساهمة كبيرة في بقائهم بديارهم وعودتهم بعد ذلك إلى الحياة الطبيعية.